المساء اليوم - حسنية أسقال: "ما قامت به الرباط في الجمعية العامة للأمم المتحدة ليس تراجعاً، ولكنه إشارة لضرورة مراعاة مصالح المغرب"، بهذه الكلمات أوضحت مصادر ديبلوماسية مغربية، لوسائل إعلام دولية، غياب المغرب عن الجلسة الإستثنائية الطارئة التي ناقشت مشروع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي "يطالب روسيا بالتوقف الفوري عن استخدام القوة ضد أوكرانيا". وكان المغرب قد أعرب في بيان سابق عن "رفض استعمال القوة لفض الخلافات بين جميع البلدان"، فالموقف المغربي واضح من التطورات الجارية في أوكرانيا، ومن ثوابثه "التزام الحياد والحفاظ على وحدة جميع الدول العضوة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ولم يتغير فيه شيء". غياب المغرب عن الجلسة الإستثنائية بشأن أوكرانيا، كان قد أثار جدلاً، وإن كانت الخارجية المغربية قد أصدرت بيانا ألقت فيه الضوء على القرار، عنوانه الرئيسي واضح وعريض، "قرار سيادي وغير قابل للتأويل"، فالرباط اختارت لنفسها موقفاً رابعاً في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، بدلاً من التصويت لصالح القرار أو ضده، أو الامتناع عن التصويت، حيث قررت "عدم المشاركة" في التصويت. البيان المغربي المُفصل يحمل بين سطوره "مصلحة المغرب أولاً "، حيث أن "حماية مصالح المغرب بشكل أساسي أولوية عُليا"، دون أن يخسر علاقاته مع روسيا ولا مع أوكرانيا، "كما أنه لدينا قضية وطنية تحدد مواقفنا، علما أننا أمام أعضاء دائمين بمجلس الأمن"، ولا يمكن للمغرب المغامرة بقضية الصحراء، ويُصوِّت على إدانة روسيا، التي تتمتع بحق الفيتو في الأمم المتحدة"، حسب مراقبين. فالدبلوماسية المغربية تُدبر علاقاتها مع العالم انطلاقاً من مبادئ ثابتة، قائمة على احترام مبادئ القانون الدولي، وعلى ميثاق الأمم المتحدة، والتي من بينها عدم المساس بالوحدة الترابية لجميع البلدان العضوة في المنظمة الدولية، إذ طالما دعت المملكة الدول الكبرى في الأمم المتحدة إلى دعم جهود الرباط في حماية وحدتها الترابية، ومراعاة مصالحها السياسية والاقتصادية في المنطقة. موقف المغرب من اختيار عدم المشاركة في التصويت، حسب محللين سياسيين، حَكمتهُ مصلحة البلاد، وعلى رأسها قضية الصحراء، وذلك من خلال تجديد الدعم للوحدة الترابية والوحدة الوطنية لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والتشبت بمبدأ عدم استخدام القوة لتسوية الخلافات بين الدول، وتشجيع جميع المبادرات والإجراءات الرامية إلى تعزيز التسوية السلمية للنزاعات، إضافة إلى الحفاظ على بعض المصالح الاقتصادية والاستراتيجية التي تربطه بأوكرانيا وروسيا معاً. وبالتالي فإن استناد المغرب إلى المصالح والمبادئ، لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتباره عدم انحياز استراتيجي، أو اعتباره "موقفا ضد القانون الدولي والوحدة الترابية للدول"، وإنما ترسيخ لمبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، وهي التي عبر عنها في بلاغه في الـ26 من فبراير الماضي، والمتجلية في الوحدة الترابية، والفض السلمي للنزاعات، والدعوة لاستئناف الحوار. بعض المُحللين اعتبروا أزمة أوكرانيا فرصة لتذكير العالم بقضية الصحراء، فـ"الرباط تُريد من الدول، خاصةً الدول الكبرى، مراعاة مصالحها ودعمها في حماية وحدتها الترابية، خصوصاً إذا تم الأخذ بعين الإعتبار موقف روسيا من ملف الصحراء، حيث أن موسكو توالي الموقف الجزائري المعادي للوحدة الترابية للمغرب"، مشيرين إلى أن "الموقف السياسي المغربي ليس موقفاً نهائياً ومحسوماً، وقد يخضع للتعديل تبعاً لتطورات الوضع في أوكرانيا، وتطور مواقف وتطور مواقف القوى الإقليمية والدولية". asekkal@almassaa.com