من “نوادر” المشهد السياسي بالمغرب.. حزب من الأغلبية الحكومية يُطالب “الحكومة” بمواجهة “المضاربين” بالأسعار!!

المساء اليوم – حسنية أسقال:

لا تزال أزمة الغلاء التي يشهدها المغرب إثر ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية ترخي بتداعياتها على القدرة الشرائية للمستهلكين وتثير احتجاجات مطالبة بتدخل فوري وعاجل للحكومة…

لكن الاحتجاج هذه المرة مختلف عن سابقيه حيث صدر عن حزب من الأغلبية الحكومية، وهو حزب “الأصالة والمُعاصرة”، حزب شارك في وضع البرنامج الحكومي و”يستحوذ” على وزارات ولديه مسؤولين في مناصب القرار…

ما يُعطي الانطباع بأن التصريحات الأخيرة للناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، بأن المجهودات التي قامت بها الأخيرة من أجل الحد من ارتفاع الأسعار لم تحقق الأهداف المطلوبة، “صحيحة بالمائة بالمائة” وأن الحكومة باتت عاجزة عن مواجهة من تصفهم بـ”المُضاربين الأشباح”، وأن معظم التدابير والإجراءات التي أطلقتها لكبح جماح الأسعار، فشلت فشلاً ذريعاً…

وبالرجوع إلى البيان “الاحتجاجي” لحزب عبد اللطيف وهبي، فإن الأصالة والمعاصرة دعا قيادة الأغلبية الحكومية!!، أمر نادر، (الأكيد من ضمنهم وهبي، أي أن وهبي يدعو نفسه)..!

المهم.. أن حزب “التراكتور” يدعو إلى عقد “اجتماع طارئ من أجل تدارس الوضعية الاقتصادية المستجدة وانعكاساتها الصعبة على الواقع المعاش للكثير من فئات المجتمع، وكذا مقاربة تقارير بعض المؤسسات الدستورية والاستراتيجية التي تعنى بالشأن المالي والاقتصادي”..!

والمقصود هنا قطعاً تصريحات المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، بشأن الأزمة والتضخم في المغرب، والتي شكلت ضربة قوية لحكومة أخنوش، وتبريراتها الواهية بشأن الأسعار وموجة الغلاء التي أثرت على القدرة الشرائية للمغاربة، بعدما أكد أن التضخم ليس ذو طبيعة مستوردة فقط وإنما هو داخلي ومتجذر في المغرب، وهو التصريح الذي يتناقض مع ما تقوله الحكومة..

حزب وهبي، قال في بيان توصلت المساء اليوم بنسخة منه، اليوم الخميس، إن مكتبه السياسي “توقف كثيرا عند الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها بلادنا والتي انعكست بشكل كبير على الأسعار، وبالتالي على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، داعياً الحكومة إلى الحزم وتشديد المراقبة أكثر، والمواجهة الصارمة لجشع المضاربين وتصرفاتهم التي تصل درجة الخيانة الوطنية في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر منها بلادنا، حيث حرمان المواطنات والمواطنين من خيرات بلادهم بجشع وسلوكات مختلفة”، موقف جميل!.. لكن..

السؤال هنا “هل كانت “الأغلبية الحكومية” في زحل مثلاً، ولم تكن على دراية بلهيب الأسعار الذي يكتوي به المواطن المغربي يومياً؟، هل كانت في غيبوبة طوال الأشهر الماضية؟، ربما.. وما الصمت المُريب الذي قابلت به احتجاجات الشارع المغربي الغاضب، إلاّ دليل على “غيبوبتها” التي تداري بها عجزها وفشلها..

كما أن دعوة الأصالة والمعاصرة بـ”الضرب بقوة على أيدي الرافضين الانضباط لقرارات الحكومة التي تهم تأمين السوق الوطنية بالحجم الكافي من المواد الأساسية، وكذلك المتلاعبين في الأثمنة”، لا يُمكن تفسيرها سوى أن الأغلبية الحكومية برئيسها ووزرائها ومسؤوليها، لا تملك من قراراتها شيئاً، وأن جل إجراءاتها حبر على ورق، وأن من تصفهم بـ”المتورطين في الاختلالات الكبيرة التي تُسجل أحيانا في أسعار بعض المواد”، أقوى منها ومن قراراتها، وأنهم هم من يحدد ثمن البيع وهامش الربح، وأن أخنوش عاجز عن مواجهة من يضربون عرض الحائط بالأمن الغذائي لعموم المغاربة..

وبالتالي فإن بيان الأصالة والمعاصرة ماهو إلى إعلان صريح يُضاف إلى إعلانات صريحة سبقته.. بأن ما يعيشه الشارع المغربي اليوم في ظل موجة الغلاء، ليس طارئا ولا ظرفيا.. والأسوء أن الحكومة التي تُدير البلاد عاجزة عن إيقافه أو التقليل من أضراره على المغاربة….

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )