ثقافة سرية: عمدة طنجة ينتقل من العبث السياسي إلى العبث الثقافي..!

المساء اليوم – أ. فلاح:

ليس من المعتاد أن يتم عقد لقاء ثقافي بطريقة شبه سرية، لكن من الممكن التحايل من خلال اختيار توقيت وزمان ومكان اللقاء، لكي يدخل اللقاء في هذا الإطار المشبوه.

عمدة طنجة، المدعو منير ليموري، المنتمي لحزب يدعى الأصالة والمعاصرة، اختار فاتح ماي، يوم الاحتفال بعيد العمال، مع مكان مثير للجدل، وهو مقر جماعة طنجة، لكي يعقد اجتماعا ثقافيا أثار الكثير من القيل والقال، وأيضا الكثير من السخرية على ما سماه الناس “مُول الصبّاط المثقف”، في إشارة إلى العمدة.

واستدعى العمدة إلى هذا اللقاء عددا من الجمعيات الثقافية أو شبه الثقافية، التي اعتبرها سهلة التطويع، كما استدعى أسماء غالبا لم يسمع عنها سكان طنجة من قبل، وأدخلها في إطار “الفعاليات الثقافية”..!

ولم يكن سلوك العمدة مستغربا، خصوصا وأن سكان طنجة يعرفون جيدا أين وصل عبثه السياسي، لكنهم لم يكونوا يتوقعون أين يمكن أن يصل عبثه الثقافي، خصوصا وأن مستواه الثقافي والدراسي متواضع للغاية، حيث انقطع عن الدراسة في وقت مبكر واشتغل في ورشة إصلاح الأحذية التقليدية، قبل أن يجد نفسه، فجأة، عمدة على ثاني أكبر مدينة في المغرب، بدعم مباشر من حزبه “الأصالة والمعاصرة”.

الأسباب الظاهرة التي عجلت بعقد هذا اللقاء، هو الانخراط في الرؤية الثقافية لمنظمة “اليونسكو” حول المدن المنتجة للثقافة، رغم أن العمدة جعل طنجة من أوائل المدن العالمية المنتجة للوساخة، والدليل على ذلك هو حالة المدينة الغارقة في القذارة.

ويرى مراقبون أن الحماس الذي أبداه ليموري، أو “مُول الصبّاط” مؤخرا للعمل الثقافي ليس بريئا بالمرة، وأن الهدف منه هو محاولة استغلال المشهد الثقافي من أجل خدمة حملته الانتخابية المقبلة، عبر كسب ولاء جمعيات شبه ثقاقية، ووجوه محسوبة على الثقافة.

ويبدو أن سوء النية من وراء عقد هذا اللقاء، الذي سماه العمدة “ديوان الأدب”، هو الذي جعل الصحيفة الأشهر والأعرق في المدينة “جريدة طنجة”، تطلق عليه اسم “ديوان قلة الأدب”.

ويطمح العمدة، الملقب أيضا بالإسكافي، إلى تشكيل مؤسسة وصية على الثقافة بالمدينة يضع فيها الموالين له، حتى لو لم تكن لهم علاقة بمجال الثقافة، من أجل أهداف سياسية واضحة.

ويتداول الناس، منذ الآن، أسماء عدد من الأشخاص الذين سيضعهم العمدة في مناصب المسؤوليات الثقافية، وهو ما يشي بأن ما يتم تداوله صحيح من كون “مول الصباط” نقل عبثه من السياسة إلى الثقافة.

غير أن هناك تساؤلات محيرة بين السكان حول الدور المريب لسلطات المدينة في هذه المسألة، عبر ترك المجال الثقافي فريسة لعمدة يعرف الجميع أنه لم يفتح كتابا في حياته، باستثناء كتاب التوقيع على الرخص.

كما أن من يرشحهم العمدة لمناصب المسؤوليات الثقافية يُعرفون بمستواهم الهزيل في هذا المجال واستخدامهم الثقافة من أجل كسب لقمة العيش، بينما تم تهميش شخصيات ثقافية بارزة، لسبب وحيد وهي أنها ترفض أن تكون مطية لأحزاب سياسية في الاستحقاقات الانتخابية.

وما يزيد الأمر استفحالا هو أن عمدة طنجة مورط في فضائح كثيرة جدا كان يفترض أن يتابع بسببها أمام القضاء، وهو ما يجعل منحه صلاحيات رسم المشهد الثقافي شتيمة في حق مدينة أنتجت عددا كبيرا من المبدعين من طراز عالمي في مختلف المجالات، قبل أن تسقط في أيدي الجهل.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )