المساء اليوم - هيأة التحرير: في البداية، وحتى لا يذهب بالكم بعيدا، فالأمر هنا يتعلق بلقمة عيش المغاربة وليس بالكرة. قبل أسابيع فقط، لا أحد كان يتوقع أن ينخفض سعر الطماطم إلى 3 دراهم، وأحيانا أقل، ومعها الكثير من الخضروات والفواكه التي مارست العربدة طويلا على جيوب المواطنين الذين استغاثوا طويلا بحكومة الرباط.. فجاءت النجدة أخيرا.. لكن من حكومة نواكشوط..! منذ بضع سنين، والحكومة المغربية تتفرج على مئات، وربما آلاف الشاحنات، وهي تحمل كميات هائلة من الخضر والفواكه المغربية نحو بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، إلى درجة أن معبر الكركرات الحدودي مع موريتانيا لم يعد قادرا على تحمل هذا الكم الهائل من الشاحنات، وأصبح الكثير من السائقين يبيتون هناك لعدة ليال في انتظار موعد العبور. الخضر والفواكه المغربية التي يتم تصديرها نحو بلدان إفريقيا ليست خاضعة لمقاييس تصدير صارمة مثلما هو الحال لتلك الموجهة نحو أوربا، ومعنى هذا أنها كانت مخصصة للعرض في الأسواق المغربية العادية وبأسعار مناسبة، فتم تحويلها نحو بلدان إفريقيا.. والهدف ليس المال.. أبدا.. فهل يستطيع الموريتاني والسنغال أو المالي دفع أكثر مما يدفعه المغربي في كيلوغرام من الطماطم أو الكرعة أو غيرها.. دون احتساب الرسوم وتكاليف الشحن العالية..!؟ من حقنا إذن أن نتساءل عن سر هذا الحماس الكبير "لفعل الخير" من جانب مصدرين مغاربة يخطفون اللقمة من أفواه المغاربة ويهربونها نحو بلدان إفريقيا، وأحيانا بأسعار أقل، أليس هذا مثيرا للدهشة.. بل للصدمة..!؟ العارفون ببواطن الأمور يقولون إن الكثير من الشاحنات المحملة بالخضر والفواكه المتوجهة جنوبا لا تهدف إلى تحقيق الربح من وراء بيع البطاطس والطماطم والكرعة وغيرها في أسواق بلدان إفريقيا الفقيرة، بل الهدف هو عودتها محملة ببضاعة غالية وثمينة، بل ثمينة جدا. قد نقول إن الحكومة المغربية لم تكن تعرف هذا الأمر، وهذا في حد ذاته مصيبة، لكن لحسن الحظ فإن الحكومة الموريتانية أدركت ذلك جيدا، إلى درجة أن منتجاتها الفلاحية الرخيصة صارت مهددة من طرف الصادرات الفلاحية المغربية شبه المجانية، وتصوروا كيف أن صادرات فلاحية مغربية تنافس المنتجات الفلاحية المموريتانية في قلب موريتانيا.. أليس هذا مثيرا للشبهات.. لكثير جدا من الشبهات..! في لحظة ما قررت السلطات الموريتانية فرض رسوم إضافية على المنتحات الفلاحية المغربية وصلت إلى أزيد من 150 في المائة، لحماية منتجاتها المحلية، صحيح أن الأمر اختلط ببعض السياسة والمنافسة الجزائرية في أشياء أخرى، لكن المهم أن تلك الرسوم كانت بردا وسلاما على جيوب المغاربة الذين عادوا للتسوق ببعض الطمأنينة بعد أن كادوا يفقدون الأمل. اليوم، يلزم أصحاب الشاحنات تصدير الرمال إلى موريتانيا إن شاؤوا وترك قوت المغاربة بسلام، وإذا كانوا يريدون ذريعة لإدخال "بضاعتهم" من بلدان إفريقيا نحو المغرب فليفعلوا ذلك بالطرق التي تعودوا عليها من قبل، وليس استخدام القوت الأساسي للمغاربة من أجل الاغتناء الفاحش بطرق أقل ما يقال عنها إنها مشبوهة. عموما.. شكرا موريتانيا..!