طهران وتل أبيب.. والهجوم المتفق عليه..!

عبد الهادي مزراري

منذ تدمير إسرائيل القننصلية الإيرانية في دمشق شهر أبريل الماضي، أصبح الرد الإيراني موضوع السؤال الذي تردد في عواصم دولية كثيرة.
من جهتها اعتبرتها طهران دعوة واضحة من إسرائيل للدخول في حرب موسعة، خاصة بعدما أعلنت تل أبيب مسؤوليتها بكل صلف عن تلك العملية. لكن المسؤولين الإيرانيبن لم يرغبوا في التجاوب مع الاستفزاز الإسرائيلي بفتح جبهة موسعة، وهم يدركون أن إسرائيل استهدفت قنصليتهم في دمشق للخروج من حرب غزة الضيقة التي انقلب فيها العالم عليها إلى حرب واسعة يستعيدون فيها الدعم الدولي أو بعضه على الأقل.
أدرك الساسة في إيران أيضا أن الدخول في حرب مع إسرائيل هو أمر يعني بالدرجة الأولى الولايات المتحدة الأمريكية، وبطريقة ما أفهمت إيران إدارة البيت الأبيض عبر وسطاء، وكذلك عبر قنوات الاتصال السرية أن نتنياهو ومجموعته يريدون جر الولايات المتحدة إلى الحرب بعبارة يردد فيها الإسرائليون نشيدهم المفضل للامريكيين والغرب “إذا اختلفتم معنا في الحرب على الغزة فلن تختلفوا معنا في الحرب مع إيران”.
من جهتها فطنت واشنطن للأسلوب الإسرائيلي الجديد القديم، واعتبرت ضرب القنصلية الإيرانية في دمشق ليس فقط دعوة لإيران من أجل الدخول في الحرب، ولكن أيضا دعوة إلى الولايات المتحدة والغرب للدخول في تلك الحرب التي باتت تعني تل أبيب وتحديدا لا تعني سوى نتنياهو ومجموعته.
قبل 48 ساعة من تنفيذ إيران ضربتها الانتقامية ضد إسرلئيل، كانت الولايات المتحدة أخبرت بوقوع هذه الضربة، واعلنها الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي دون شك أخبر بها الإسرائليين، الذين اتخذوا جميع التدابير الاحترازية.
بعد تنفيذ الضربة الإيرانية، السبت المااضي، والتي تبين أنها لم تدمر بنية تحتية في إسرائيل، ولم تقتل يهوديا، ولم تحدث فارقا في ما يجري على الأرض في غزة، تأكد بأن الرد الإيراني على إسرائيل كان طوال هذه المدة موضوع بحث مع الأمريكيين، وتم الاتفاق على حجم الضربة ونوع الأهداف والأسلحة المستعملة في الهجوم.
مقابل ذلك أعلن البيت الابيض مباشرة تنديده بالهجوم الإيراني من جهة، ورفضه أي رد إسرائيلي من جهة ثانية، بمعنى أن الطرفان الإيراني والإسرائبلي حصل كل منهما من الولايات المتحدة على ما يسمح بإبقاء الوضع على ما هو عليه.
حصلت إيران على حق الرد للانتقام من تدمير قنصليتها، وأكدت لأتباعها وحلفاءها أنها لم تستسلم للصلف الإسرائيلي.
وحصلت إسرائيل على دعم واشنطن والحلفاء الغربيين، وتلقت ضربة محدودة حتى إذا لم تكن شكلية تم تنفيذها بالذخيرة البيضاء.
بالنسبة للذين يتساءلون عن سبب رفض الولايات المتحدة توسيع نطاق الحرب في الشرق الأوسط، فالأمر يتعلق بحسابات استراتيجية تفوق قدرة واشنطن على ضبط التطورات في حال خروج تلك الحرب عن حدود السيطرة.
تدرك واشنطن جيدا أنها حتى في حال قدرتها العسكرية على احتواء الخطر الإيراني بكل أبعاده في المنطقة، فإنها تعلم جيدا أن إيران وحلفاءها في اليمن والعراق ولبنان قد يتحولون بكل ما يملكون ليصبحوا ذخيرة في المدفعين الروسي والصيني.
لا تستثني واشنطن في حساباتها الاستراتيجية أن الحرب مع روسيا لم تحسم بعد في أوكرانيا واوروبا في ظل فقدان أي أمل في النصر، كما لم تسقط من تلك الحسابات أن الحرب مع الصين بشأن تايوان لم تبدأ بعد.
بناء على ذلك لا تريد واشطن الذهاب بقدميها إلى مستنقع بات مهيأ بشكل مثالي في الشرق الاوسط، ولذلك تتسع الهوة في السر بين البيت الابيض والإسراليين الراغبين في إشعال حرب تأكل الأخضر واليابس.
طابت أوقاتكم

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )