المساء اليوم - أ. فلاح: لم يكن الخطأ الذي ارتكبته قناة 'مدي 1 تي في" حول إحياء ليلة القدر من طرف الملك محمد السادس، خطأ معزولا في مسيرة هذه القناة، التي كلما زادت من عدد صحافييها وموظفيها إلا وزادت نسبة ترديها المهني. ومنذ تأسيس القناة سنة 2006، فإن حلم تحويلها إلى "جزيرة المغرب" لا يزال معلقا، وكل ما نجحت فيه القناة هو امتصاص فائض "الأيدي العاملة"، في مجال الإعلام والتخبط في سياسة "باك صاحبي"، وتحويل فاشلين إعلاميا إلى أشباه نجوم، وفوق كل هذا افتراس مبالغ ضخمة من الأموال العمومية من أجل صفر هدف. وكانت “قناة مدي1 تيفي” على وشك الإفلاس مرات عديدة، وتم إنعاشها لأكثر من مرة، ويتذكر كثيرون حكاية المائة مليون دولار، أو أورو، أي مائة مليار سنتيم، التي تم ضخها في صناديقها قبل عدة سنوات، هبة أو مساهمة إماراتية في رأسمال القناة، من أجل قتل الأزمة، فذهبت المائة مليار وبقيت الأزمة حية ترزق. وعلى الرغم من أن القناة تم إلحاقها مؤخرا بالشركة الوطنية للإذاعة التلفزيون، التي يترأسها منذ زمن طويل فيصل العرايشي، إلا أنه لا شيء تغير في القناة، التي كلما فشلت في إشعاعها على المستوى الوطني، فإنها تبحث عن التمدد جنوبا نحو إفريقيا، وبذلك فقدت بوصلتها الإعلامية بشكل كامل. ومنذ أن تم خلق هذه القناة التلفزيونية، التي كان اسمها في البداية “مدي سات” تحت قيادة الفرنسي بيار كازالطا، كان جليا أن راكب البغل خرج من الخيمة مائلا، لذلك سرعان ما سقط، بعدما نافست “مدي سات” قناة “الجزيرة”، ليس في القوة المهنية، بل في الرواتب الضخمة لأولى صحافييها، فغابت المهنية وبقيت الرواتب تثقل كاهل قناة عرجاء مثقلة بالديون ولا تقدم أية إضافة للمشهد الإعلامي المغربي، باستثناء برامج ووجوه قليلة جدا، بينما الباقي مجرد ثرثرة ووجوه محنطة. وكانت القناة على شفا الإفلاس أكثر من مرة، ولم ينفع المال الإماراتي في إنقاذها لأنها تشبه إسفنجة عطشانة تمتص كل شيء، من دون أن تقدم منتوجا إعلاميا حقيقيا. ولا يقتصر الأمر على فشل القناة في تقديم إعلام حقيقي ومحترف، بل إن المتتبع اليومي للقناة يعاين أخطاء مهنية ولغوية فادحة، مثلما حدث مؤخرا في الشريط الإخباري المتعلق بالنشاط الملكي في ليلة القدر. وحتى الآن فإن الشيء الوحيد الذي نجحت فيه "مدي1 تي في" هو تحولها إلى قناة لجبر الخواطر واستيعاب العديد من أشباه الصحفيين والمذيعين وتحويل الثرثرة إلى مادة رئيسية في برامجها، بينما يبقى الحلم معلقا في إمكانية ولادة قنوات، أو حتى قناة تلفزيونية واحدة يمكن أن تقدم منتوجا إعلاميا حقيقيا.