المساء اليوم - هيئة التحرير: أن يكون هناك إضراب أو لا يكون، أو أن يكون نجح أو فشل، فهذا تحصيل حاصل لن يغير الكثير من واقع الحال، وهو أن أحوال المغاربة صارت صعبة جدا، لأنه من الصعب على شعب، كيفما كانت درجة صبره، أن يستيقظ كل صباح على أسعار جديدة تناطح السحاب، بينما أجوره يتم دفنها كل يوم عميقا تحت التراب. منذ سنوات طويلة، ولن نقول في زمن هذه الحكومة أو غيرها، بدأت عملية الاستهانة بأقوات المغاربة حين صار كل واحد يبيع بالسعر الذي يحلو له وجنت الأسواق وانعدمت آليات المراقبة والمحاسبة، وانتفخت أرصدة "أغنياء الحرب" بالثروات، بينما انتفخت صدور المغاربة بالهم والغم. لكن الوضع استفحل كثيرا في السنوات الأخيرة، وبدا وكأن الحكومة تقوم فقط بتنفيذ أجندة محددة وهي دفن ما تبقى من القدرة الشرائية للمغارية، الذين تفوقوا على النبي أيوب في صبره، ولا أحد يدري إلى أين سيقود هذا الصبر. ومن أبشع مظاهر توحش الأسعار واستئساد تكاليف الحياة هو ما تعانيه ما تسمى الطبقة المتوسطة، التي صار أفرادها يتزاحمون مع ما يسمى الطبقات الهشة في أسواق "البال" والخضر الرخيصة، وكثيرون أخرجوا أبناءهم من المدارس الخاصة نحو المدارس العمومية، وآخرون تخلصوا من سياراتهم أو يحركونها مرة في الأسبوع، لأن الحياة صارت أقسى. ما زاد هذا الوضع سوءا هو ما عاشه المغاربة من محنة كبيرة زمن ما يسمى "الإغلاق الصحي"، أو الإغلاق الجاهلي، حين انقلبت المعايير ودخل ملايين جدد من المغاربة خانة الفقر، بينما اغتنى منتفعون كثيرون من مآسي الآخرين. اليوم، يبدو المجتمع المغربي خارج المنطق والتصنيف، لأن هناك أيضا طبقة جديدة من الأغنياء الذين ظهروا فجأة لأسباب مختلفة. أغنياء خرجوا من قعر البئر نتيجة الاتجار بالمخدرات أو الارتشاء أو نهب المال العام أو أشياء كثيرة أخرى، وهذه الطبقة تتميز بخاصية الغنى والجهل، والويل لأمة اغتنى جهالها. صرنا اليوم نرى مظاهر فاقعة لهذه التناقضات الاجتماعية الصارخة، سيارات فارهة في كل مكان، وزوجات وعشيقات وأبناء يسوقون سيارات من كل الأنواع، ومظاهر غنى الفجأة في المطاعم والمقاهي والفنادق الفاخرة، بينما يسير أغلب الناس نحو مزيد من الفقر. إنها مظاهر لا أحد يهتم بها رغم أنها جرس إنذار حقيقي، جرس يجب أن نعلقه في عنق من يهمهم الأمر.