إقالة لايا.. إعادة العدّاد إلى الصفر وتجديد للعلاقات مع المغرب

المساء اليوم: حُسنية أسقال

ما تمر به إسبانيا منذ رئاسة بيدرو سانشيز لحكومتها، ليس أزمة حكومة بقدر ما هو اعتراف بفشلها على إدارة الأمور سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، وهو ما يكرس النظرية المتداولة تاريخيا في علم السياسة، وهي، التغييرات الحكومية طالما كانت مرادفا لـ”لأمور ليست على ما يرام”.

أراد سانشيز أن يكون رئيسا للحكومة بأي ثمن، حين دخلها من الباب الخلفي في 2018 عبر حكومة أقلية برلمانية، حسب محللين سياسيين إسبان، لكنه اضطر لتحقيق أغلبية متنوعة تضم الاشتراكيين واليساريين الراديكاليين في حزب بوديموس والاستقلاليين الكاتالونيين والقوميين الباسكيين.

وتحولت حكومة سانشيز إلى فسيفساء من “كل فن طرف”، وعكست توجهات مختلفة ومتضادة أحيانا، أثرت لاحقا على مردودها وشعبيتها لدى الإسبان. لذلك فإن التغيير الحكومي الذي أُعلن مؤخرا وشمل 9 حقائب، اعتبرته مصادر “تغييرا يُقر بالفشل، لكن أبرز ما فيه أن (بوديموس) لا زال يحتفظ بحصته في السلطة، رغم أن زعيمه بابلو إيغليساس، قرر منذ فترة، القفز من مركب سانشيز، في محاولة للحفاظ على بعض من شعبيته، وعدم حرق جميع أوراقه في حال إرتأى دخول معترك السياسة من جديد”.

وكانت الأزمة الدبلوماسية مع المغرب، على خلفية استقبال مدريد لزعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، المحك الحقيقي لهذه الحكومة حسب مصادر إسبانية، حيث تجلى بشكل واضح غياب التنسيق وسوء تقدير لنتائج كارثية تلت قرارات متخبطة غير مدروسة.

وترى مصادر إسبانية أنه في اليوم الذي أعلن فيه وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، أنه “لا يوجد اتصال مع إسبانيا”، حُكم على مصير نظيرته الإسبانية، أرانتشا غونزاليس لايا، بالغياب التام، إنه تصريح بمثابة حقيقة واضحة وغير عادية، مفادها أن أحد وزراء الخارجية ينكر الآخر علناً، رغم تلميحات مدريد بوجود وجود اتصالات سرية بينها وبين الرباط.

وكلفت الأزمة الدبلوماسية آرانتشا لايا منصبها في الخارجية، بعد أن وُجهت لها أصابع الاتهام بسوء تدبير ملف العلاقات مع المغرب بعد استقبال مدريد لزعيم البوليساريو سرا وبوثائق مزورة. وحسب دبلوماسي إسباني سابق فإن “وزير الخارجية الذي لا يستطيع التحدث إلى المغرب، رغم كونه جيدا جدا، ليس مفيداً لإسبانيا”. وهذا ما حدث لآرانتشا لايا، فغياب الحوار والاتصال بالرباط، عجَل بسقوطها.

قرار سانشيز التضحية بها لاستعادة الحوار مع البلد الجار، نوع من تلطيف الأجواء مع الرباط، ومحاولة لإعادة الثقة التي انهارت، ويحاول المسؤولون الإسبان كسبها من جديد.

وعلَّق دبلوماسي إسباني، على الوضع قائلاً “الآن يتعين على الرباط أن تُفسر القرار تفسيراً صحيحاً: ليست عقوبة ولا استسلاما، بل براغماتية خالصة”.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )