المساء اليوم - أ. فلاح: يوم الأحد الماضي، ومثل كل أيام الأسبوع صيفا، ازدحم شاطئ الدالية، القريب من الميناء المتوسطي، بإعداد هائلة من المصطافين (كما يظهر في الصورة)، غير أنه في ذلك اليوم تم إغلاق كل مراحيض الشاطئ، على قلتها، ومن السهل التكهن أين أفرغ آلاف المصطافين مثاناتهم وبطونهم. وفي الشاطئ نفسه (كما يظهر في الصورة أيضا في الدائرة الصفراء)، توجد عشرات المنازل الكبيرة، وكل منزل به 3 طوابق أو أكثر، وكل طابق بع أكثر من مسكنين، وكل مسكن به أسرة أو أكثر، وكل أسرة بها أكثر من 5 أفراد، أي أن كل منزل به أزيد من 30 شخصا، وكل هؤلاء يقضون حاجاتهم الطبيعية يوميا، وكل شيء ينزل إلى البحر مباشرة، لسبب بسيط وهو أن هذه المنازل بنيت خارج القانون وفوق الملك البحري وينبغي هدمها اليوم قبل الغد. لكن، ورغم كل هذا، جرى يوم الخميس 16 يوليوز، رفع اللواء الأزرق بهذا الشاطئ، الذي يحوز هذا اللواء العجيب للسنة العاشرة على التوالي، "في اعتراف بجودة مياه الاستحمام ونظافة الشاطئ واحترامه لمعايير البيئة والسلامة"، كما قالت قصاصة لوكالة المغرب العربي للأنباء. وتُمنح شارة “اللواء الأزرق” سنويا من طرف مؤسسة التربية على البيئة، وجرت مراسم رفع اللواء الأزرق بشاطئ الدالية بحضور الكاتب العام لعمالة إقليم الفحص-أنجرة، والمدير العام لمؤسسة طنجة المتوسط، وممثلي السلطات المحلية والأمنية وممثلي المجالس المنتخبة، أي أن كل هؤلاء كانوا غارقين في نفاق فاقع وكذب غير مسبوق، بل كلهم ينبغي فتح تحقيق معهم بسبب إصرارهم على إخفاء واحدة من أكبر الأكاذيب في مجال "اللواء الأزرق". وتقول قصاصة وكالة المغرب العربي للأنباء "منذ حصوله على اللواء الأزرق للمرة الأولى في سنة 2016، يبرز شاطئ الدالية باعتباره نموذجا للشواطئ المستدامة بالمغرب، حيث يستفيد من الدعم المتواصل لمؤسسة طنجة المتوسط في إطار برنامج “شواطئ نظيفة”. ويضيف خبر الوكالة "في هذا السياق، أبرزت إحسان العربي العلوي، مسؤولة التواصل بمؤسسة طنجة المتوسط، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المؤسسة تقدم مواكبة هيكلية تشمل التمويل، والدعم اللوجستي، والتنسيق مع مختلف الفاعلين المحليين، مضيفة أن المؤسسة تعمل على تعبئة الجمعيات والتعاونيات المحلية، من خلال مشاريع للتنشيط والتوعية، وتثمين المؤهلات الترابية للشاطئ، مما يساهم في تحسين ظروف العيش داخل قرية الدالية، مع خلق فرص اقتصادية عبر توفير فرص شغل موسمية والترويج للمنتجات المحلية". يذكر أن شارة “اللواء الأزرق”، التي أُحدثت سنة 1987 من طرف مؤسسة التربية البيئية، تمنح سنويا استنادا إلى أربعة معايير رئيسية، وهي جودة مياه الاستحمام، والإعلام والتوعية البيئية، والنظافة والسلامة، ثم التهيئة والتدبير المستدام، وتخضع المواقع الحاصلة على الشارة لمراقبة دورية وزيارات تفتيشية مفاجئة خلال الموسم الصيفي للتحقق من مدى احترامها لهذه المعايير الصارمة. والغريب أن الرأي العام بالمنطقة لا يزال يطرح تساؤلات كثيرة حول الطريقة التي حصل بها شاطئ الدالية، على اللواء الأزرق، في الوقت الذي كانت التقارير الأولية تشير إلى أنه فقد هذه الشارة هذا الموسم. وبدا مثيرا أن التقارير الرسمية التي أعلنت عدم حصول شاطئ الدالية على شارة اللواء الأزرق، عادت مرة أخرى، بعد حوالي 48 ساعة، وأعلنت حصول الشاطئ على هذه الشارة، من دون تقديم أي تفسير حول ما جرى. وتعرض الشاطئ في السنوات الأخيرة لهجمة خطيرة من أباطرة البناء العشوائي، حيث تم بناء عشرات المساكن فوق الملك البحري، أمام أنظار السلطات، وكل هذه المساكن تُفرغ مياه الصرف الصحي في مياه الشاطئ الحاصل على اللواء الأزرق. كما أن إدارة الميناء المتوسطي التي تمول أنشطة هذا الشاطئ، قررت إغماض عيونها بالكامل على هذه الفضيحة المجلجلة, علما أن الشاطئ يغرق طوال العام في أكوام من الأزبال وتتهالك تجهيزاته التي أصبحت تشكل خطرا على المصطافين. ورغم كل هذا فإن الشاطئ حصل “بالقوة” على شارة اللواء الأزرق، وهي مناسبة قد تدفع المسؤولين إلى فتح تحقيق عاجل ومعمق حول الظروف والملابسات التي أدت إلى نشوء حي بكامله على حافة الموج فوق الملك البحري بشاطئ الدالية يصرف مجاريه الملوثة في البحر، وهو ما سيورط كثيرين، من بينهم منتخبون وبرلمانيون وأعوان سلطة وسماسرة ونصابون وغيرهم، في فضيحة كبيرة يمكن، من الآن، تسميتها ب”فضيحة اللواء الأزرق”. بقيت في النهاية إشارة بليغة، وخطيرة أيضا، وهي أن الماء مقطوع عن شاطئ الدالية منذ يوم رفع اللواء الأزرق..!