بين مسلسل “فتح الأندلس” ومسلسل “المكتوب”.. لماذا ننسى بسرعة..؟

المساء اليوم – ع. الدامون:

فجأة تفجرت قضية مسلسل “المكتوب” في التلفزيون المغربي، أو إحدى قنواته التي تتشابه كما تتشابه بيوض التماسيح.

الذي أطلق التدوينة ضد المسلسل أو السلسلة ارتكب خطأين، الأول أنه حرف اهتمامات المغاربة من المسلسل الكارثة “فتح الأندلس” وجعله منصبا على سلسلة شبه كوميدية مغربية حول الشيخات، والخطأ الثاني أن الحملة ضد مسلسل “المكتوب” تعطي الانطباع أن التلفزيون المغربي كان واحة للتقوى والعلم والورع والحشمة والوقار وغير ذلك من الصفات الحميدة، إلى أن ظهر مسلسل الشيخات، فانقلب كل شيء على عقب.

التلفزيون المغربي قدم أفلاما ومسلسلات وسهرات على قدر كبير من الرداءة، بل والنذالة، ولا يزال يفعل ذلك، وسمعنا في هذا التلفزيون عبارات تخدش الحياء ولقطات تقتل الحياء الأسري وحوارات من قاع المجاري، ومع ذلك لم تحدث كل هذه الضجة.

كان من المفروض أن ينصب الاهتمام على شيء آخر تماما، وهي كيف أن التلفزيون المغربي يمول مسلسلا حول الشيخات، بينما بلدان أخرى ترسم له تاريخا مزيفا، مثلما حدث في مسلسل “فتح الأندلس”، وكيف أن المدير العام للتلفزيون، فيصل العرايشي، يشتكي باستمرار من ضعف الميزانية، بينما يتم صرف الملايير على شركات إنتاج محظوظة أكثر من اللازم، وتذهب أموال دافعي الضرائب المغاربة في أعمال تلفزيون تافهة إلى حد القرف.

كان يجب بدء حملة لتغيير كل الوجوه التي تسيدت التلفزيون منذ عقود وأنتجت كما هائلا من الهزالة والضعف والرداءة، وليس ركوب حصان خشبي والمطالبة بإعدام مسلسل حول الشيخات، هو مثل غيره من مئات أو آلاف المسلسلات التي أنتجها التلفزيون المغربي على مر الزمن.

أما الذين يتهمون المسلسل بتمجيد عمل الشيخات فعليهم أن يدركوا أن التلفزيون المغربي مجد ما هو أكثر من ذلك في مسلسلاته وأعماله. مجد لصوص المال العام والعاهرات والأميين والجهلة والمنافقين وتجار المخدرات وأشياء كثيرة أخرى.

نحن لا ندافع عن هذا المسلسل كما لا ندافع عن غيره من المسلسلات، لكننا لا نقبل، أيضا، أن يتحول الرأي العام المغربي إلى عجينة يشكلها البعض حسب مزاجهم، حيث نسي الناس بسرعة مضحكة فضيحة مسلسل “فتح الأندلس” وانصب غضبهم على “الشيخة”، وهذا لوحده سبب كاف لكي يجعلنا نشك في أولئك الذين حركوا هذه الحملة.

إذن، هو نقاش فارغ جدا، نقاش بدأ بتدوينة “يوتوبية” ماكرة من رجل دين لم يعجبه المسلسل، كما لم يعجب غيره، فتحول النقاش إلى قضية وطنية، ونسي الجميع كارثة “فتح الأندلس”، وهذه إحدى أكبر كبائر وسائط التواصل الاجتماعي، التي يمكنها أن تحول اهتمامات الناس من النقيض إلى النقيض في رمشة عين.

في النهاية سنقول شيئا قد يبدو على قدر كبير من الأهمية.. فقد وصلت مداخيل الفقيه “الغيور” على أخلاق المغاربة قرابة مليون درهم عبر اليوتوب بفعل حملته على مسلسل الشيخات.. أما المسلسل فزاد عدد متابعيه وتضاعفت أرباحه أيضا عبر مشاهدات اليوتوب.. أي أن الماء يصب في طاحونة الفقيه وطاحونة “الشيخات”.. أما من يجرون الطاحونة.. وأنتم تعرفونهم طبعا.. فصفر على الشمال..

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )