عبد الله الدامون damounus@yahoo.com المغرب بدأ، أو سيبدأ قريبا، في استيراد الأبقار الإسبانية، ربما من أجل محو الصور المهينة للجواميس البرازيلية وهي تتسكع في شوارع العاصمة، التي بدت شبيهة بشوارع العاصمة الهندية. هناك سبب آخر للتوجه نحو الأسواق الإسبانية، وهي أن الأبقار ستقطع مسافة أقل عبر مضيق جبل طارق ولن تصاب بالدوار، ومن الأكيد أن لوبي اللحوم في المغرب لن يقوم بتسريب بضع بقرات إلى الشوارع. لقد فعلوا ذلك مع أبقار البرازيل لأنها غريبة الشكل من أجل تنفير المغاربة من لحومها، وليبقى لوبي اللحوم يقبض عن كل عجل وليد نصف مليون سنتيم ويبيعون الكيلو بمائة وثلاثين درهما! ما جرى في الرباط ليس مجرد هروب بضع بقرات مفزوعة إلى الشارع، فالحادث قد يكون متعمدا من طرف لوبيات التحكم في أسعار اللحوم في محاولة لإخافة المغاربة من استهلاك لحوم الأبقار البرازيلية، فهذه البلاد صارت فيها اللوبيات أكثر عددا من حبات "اللوبيا"، وكل لوبي يغني مع نفسه "أنا وحدي مضوي لبلاد"، وهذه أقصر طريق نحو الفوضى. عموما فإن الحكومة قالت إنها ستفتح تحقيقا، وإلى حد الآن فإن المغاربة لا يعرفون كيف تهرب أبقار من الميناء أو من المسلخ وتتسكع في أحسن شوارع ومدارات الرباط من دون أن يتم تحديد المسؤولين عما جرى، ومرة أخرى نقولها، ابحثوا عن المستفيدين من هذا السيرك. في كل الأحوال لا نتمنى أن يحدث للتحقيق في "هرب" الأبقار البرازيلية ما حدث مع التحقيق بشأن بيع تذاكر مونديال قطر، الذي دخل اليوم شهره الرابع أو الخامس من دون أن تلوح في الأفق بادرة أمل، ويبدو أن فوزي لقجع، الذي شرب حليب السباع وهدد المتورطين بالويل والثبور وعظائم الأمور، اكتشف فجأة، أن الشيء الطبيعي في هذه البلاد هو أن تكون فاسدا، وأن التحقيق الحقيقي يجب أن يفتح مع النزهاء! وكيفما كان الحال، وسواء أكل المغاربة لحوم بقر البرازيل أو إسبانيا، أو حتى إثيوبيا، فإن ما جرى وما يجري يجعلنا نكتشف أننا ضيعنا في الأوهام عمرنا، لقد كذبوا علينا طويلا وهم يوهموننا أننا بلد فلاحي، وفي أول موسم جفاف نكون على حافة الجوع، وحتى إذا لم نجع فإن الأسعار تتكفل بإخبارنا بأننا بلد بلا بوصلة. لقد قلنا عن أنفسنا إننا بلد فلاحي فصارت المواد الفلاحية في الأسواق أغلى من أمريكا، وقلنا عن أنفسنا إننا بلد سياحي فلم نستطع جمع أكثر من 3 ملايين سائح في العام، وتبجحنا بأشياء كثيرة وفي النهاية نجد أنفسنا في نقطة الصفر، فلا نحن دولة صناعية ولا دولة سياحية ولا دولة فلاحية.. ربما نكون نجحنا في شيء واحد، وهو أن نكون دولة فرنكفونية!