المساء اليوم - متابعات: عندما تفجرت قضية "إسكوبار الصحراء" في في 25 دجنبر الماضي، عندما تم اعتقاله رفقة عدد آخر من الأشخاص بتهم الاتجار بالمخدرات والتزوير وغسل الأموال والابتزاز، فإن ذلك لم يكن سوى بداية لمسلسل مشوق انتهى بالإطاحة بعشرات الرؤوس المتورطة في الملف، في الوقت الذي لا يزال الرأي العام ينتظر المزيد. وتفجر هذا الملف بعدما اتهم التاجر المالي المغربي العديد من الشخصيات في المغرب ب"الاستيلاء غير القانوني" على أصوله في المملكة، وهو ما أدى إلى اعتقال أسماء بارزة. الحاج أحمد بن إبراهيم، من أصول مغربية مالية، لذلك لقب في المغرب بـ"الماليّ" بينما لقبه الأكثر شهرة هو "إسكوبار الصحراء" وذلك لتجارته الكبيرة في المخدرات والتي تمتد فروعها إلى دول في أفريقيا وأميركا اللاتينية وأوروبا. في عام 2019، أوقفت الشرطة المغربية "الماليّ" في مطار الدار البيضاء وحكم عليه لاحقا بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة الاتجار بالمخدرات. وبعد عامين من ذلك، قدّم شكاية ضد رئيس جهة الشرق بالمملكة، عبد النبي بعيوي، وجرت التحقيقات المرافقة عددا من الشخصيات بمن فيهم رجال شرطة. وتحول الحاج بن إبراهيم، خلال سنوات قليلة، إلى أحد أكبر أباطرة المخدرات في أفريقيا. وهو مسجون الآن في الجديدة، جنوب الدار البيضاء، ولا ينكر أنشطته الإجرامية، لكنه يدعي أنه كان "ضحية مؤامرة". وتاجر "إسكوبار الصحراء" في السيارات ثم الذهب قبل أن ينتقل إلى نقل الكوكايين من أميركا اللاتينية إلى غرب أفريقيا، وتوسعت تجارته وراكم ثروة خيالية، واستغل علاقاته في عدد من الدول لتبييض الأموال. وكان بنبراهيم يملك جزيرة خاصة في غينيا، وشققا في البرازيل وروسيا، فقدها منذ بداية الحرب في أوكرانيا، وأرضا في بوليفيا، وفيلا فخمة في الدار البيضاء. وفي المغرب، يحظى "الماليّ" بدعم كبير وتعاون مع سياسيين في وجدة والعديد من القادة السياسيين الآخرين، وفق المجلة. ويتهم "الماليّ" شركاءه في المغرب بالخيانة والاستيلاء على جزء من أمواله. الحياة التي عاشها الحاج أحمد بن إبراهيم "بسيطة مثل أي ابن لراعي إبل"، لكن الصدفة لعبت دورها حين "لقائه بمشاركين في رالي باريس دكار، لـيشق طريقه، بتعميق معرفته بالصحراء، بضبط لهجات الأزاواد والتعرف على القبائل والوقوف على تفاصيل الساحل الإفريقي، ليتمتع بذلك بمقومات قليلا ما تجتمع في شخص واحد، ومكنته من وضع يده على مناطق واسعة من المنطقة". تمكن "إسكوبار الصحراء" بسرعة من الانتقال إلى مستوى ثان من العمل باستغلال معرفته بالصحراء في تجارة المخدرات، حيث بدأ في استعمال الطائرات الصغيرة لنقل الكوكايين في البداية من أمريكا اللاتينية إلى الغرب الإفريقي، وكوت ديفوار والسنغال وغينيا بيساو وسيراليون، كما تمكن من تحويل كميات من هذه المخدرات سواء برا عبر مالي والنيجر والجزائر وليبيا ومصر، أو بحرا عبر السواحل المغربية ثم أوروبا، ويصبح بذلك بسرعة واحدا من أكبر تجار المخدرات في القارة. التجارة الدولية للمخدرات فتحت أعين "إسكوبار الصحراء" على العالم وبدأ يعيش حياة الأثرياء، تزوج بابنة مسؤول عسكري بوليفي كبير، وربط علاقات مع نساء في كل بلدان عمله، يقال إن له ابنا في كل بلد. توسيع قائمة الممتلكات قادت "إسكوبار الصحراء" إلى المغرب في العام 2010 ليشتري فيلا فاخرة في الدار البيضاء وشققا في مدينة السعيدية. وظل ملف "إسكوبار الصحراء" في حالة جمود منذ اعتقال "المالي" عام 2019 من طرف السلطات المغربية في مطار محمد الخامس، لتتم محاكمته وإيداعه سجن مدينة الجديدة (180 كلم جنوب الرباط)، إلى أن فكر في الانتقام من شركائه بعدما اتهمهم بتدبير مكيدة له والاستيلاء على ممتلكاته إثر دخوله السجن. وقرر "اسكوبار الصحراء"، تقديم شكاوى ضد قائمة من الأسماء تضم شخصيات عامة في البلاد، في مقدمتهم عبد النبي بعيوي رئيس الجهة الشرقية للمغرب وأحد أبرز قادة حزب الأصالة والمعاصرة المُشارك في الائتلاف الحكومي، وسعيد الناصري، رئيس الوداد والقياد البارز في حزب الأصالة والمعاصرة. عدد من السياسيين المغاربة المتورطين في القضية، تعاونوا مع "اسكوبار الصحراء" منذ عام 2010 لنقل أطنان من المخدرات من سواحل مدينة السعيدية المغربية نحو باقي بلدان القارة الإفريقية. "إسكوبار الصحراء"، سبق وأُدين بالسجن النافذ 4 سنوات في موريتانيا فقرر بعد مغادرته السجن أن يعود إلى المغرب لاستعادة مكانته في سوق المخدرات، لكنه لم يتوقع السقوط من جديد في فخ الاعتقال المدبر من قبل شركائه.