سميرة مغداد استيقظ الرأي العام المغربي على خبر صادم ومفجع الأسبوع الماضي حيث لقي الشاب أنور العثماني، طالب جامعي لايتجاوز العشرين، حتفه بطريقة بشعة. وكانت والدته ووالده هما أول من اكتشف الجريمة بعدما ساور الأم خوف بعدما لم تتلق ردا على مكالماتها ليلة الجمعة كلها.. أنور شاب وسيم، رياضي مقبل على الحياة، نشيط على مواقع التواصل الاجتماعي، يشارك الشباب لحظات حياته وسعادته الخاصة على سجيتها ان صح القول.. جريمة محيرة أيقظت أسئلة حارقة وادمت قلوبا تحب أنور الشاب الوسيم، خاصة والديه.. أنور ينتمي إلى الجيل الجديد الذي يشكل العالم الافتراضي جزءا مهما من حياته. يقال عنه إنه ولد مهذب يعشق الحياة ويعيش شبابه بالاستمتاع بالموسيقى والرقص والرياضة.. لعله الجيل الذي لا نتفاهم معه ونصفه بالتافه، لأنه يجرى وراء الظهور والاستعراض على وسائل السوشال ميديا سعيا وراء شهرة اجتماعية معينة، وإمعانا في حب الظهور والاحتفاء بالمظهر وإثبات الذات بشكل من الأشكال بحثا عن الواجهة التيكتوكية التي تمنح قيمة وتقديرا بين زمرة شباب باحث عن نفسه، يثني بنفسه على نفسه ويجني بعض المدخول من ذلك. لا أعرف أنور، رحمه الله، الذي ترك والديه وعددا كبيرا من المغاربة مشدوهين إلى مصيره المأساوي، لكن هذا المصير قد يسائل الجميع ويثير اسئلة واقع مر نعيشه اليوم مع شباب يريد حرق المراحل والقفز إلى حياة أفضل وخرق قيم مجتمعية. لا أحد، تقريبا، استوعب أن يقتل أنور على يد صديقته ذات السابعة عشر عاما، التي قدم دفاعها شهادة طبية تؤكد إصابتها بخلل نفسي مفسرا سبب الجريمة النكراء بمحاولة القتيل النيل من شرفها لتتحول إلى أسد شرس وتقتص لشرفها بطعنات سكين حاد من المطبخ، دون أن يبدي هو أي مقاومة.. مع أن أول رد فعل على الإحساس بالألم هو رد الألم ومقاومة المعتدي بتعنيفه أو رد الإساءة. بيد أن الجانية لم يرد عنها شيء من كونها لديها كدمات او آثار عنف. فالشاب أنور على مايبدو كان مسالما جدا واستسلم لضربات السكين إلى أن قضى حتفه..! هذه الصديقة جاءت من تطوان لتحضر معه حفلة. وليست المرة الأولى التي تلاقيه فيبدو من خلال فيديوهاتهما المشتركة أنهما ينشطان معا على التيكتوك ويحتفيان معا بشبابهما. فهل يمكن تبرير هكذا جريمة؟.. رحم الله أنور الذي كان ضحية لزمن تافه يجعل من استعراض الأجسام والظاهر من الأمور حياة ومعاني.. استهلاك الذات عبر مواقع التواصل مدمر.. البحث عن المتع الآنية القصيرة المدى تخلق خللا فظيعا عند أبنائنا الذين يهربون إلى حيوات مزيفة تنشد السعادة في أسرع وقت ممكن.. نترحم على قيم سادت وبادت اليوم، ونترحم على أنور ضحية زمن تافه استباح كل شيء تقريبا.. أنور انطفأ باكرا.. هو الذي حاول أن يخرج للنور سريعا قبل الأوان.. أما صديقته فقد ضاعت في ظلمات السجن.. حكاية أنور قصيرة تنفع لفيلم طويل يلقي الضوء على أزمة جيل مغربي يهرب من ضعفه ووهنه إلى عوالم افتراضية تطلق أنوارا حارقة تأتي على الأخضر واليابس.. يا شباب تمهلوا وتأملوا نهاية أنور رحمة الله عليه...اتعظوا