مقاهي الرباط في رمضان.. وحشة في النهار وألفة بالليل..!

المساء اليوم – الرباط:

تتغير الحياة اليومية للمغاربة في شهر رمضان بشكل جذري حيث يحاولون صرف الفائض من وقتهم عبر خلق “انشغالات” لم يتعودوا على ممارستها خلال باقي شهور السنة.
ويشكل إقفال المقاهي خلال النهار في المغرب معضلة حقيقية للملايين من الزبناء الذين لا يتصورون حياة سوية من دون هذه المقاهي التي تشكل ملاذا حقيقيا خلال الايام العادية لاستيعاب كل شرائح المجتمع، بدءا بالعاطلين وانتهاء بالموظفين والتجار وأطر الدولة.
وتعرف المقاهي في المغرب انتشارا كبيرا حيث اخترع المغاربة عبارة ساخرة تدلل على ذلك وهي “ما بين كل مقهى ومقهى هناك مقهى”، غير أن هذه العبارة المعبرة تصبح أقل فاعلية خلال شهر رمضان حيث تقفل كل المقاهي تقريبا خلال النهار في انتظار أن تستقبل جحافل الزبناء بعد الإفطار.

لكن بعض المدن السياحية مثل مراكش وأكادير تبقى فيها بعض المقاهي مفتوحة خلال النهار لخدمة الزبناء الأجانب الذين يفضلون في غالب الأحيان ارتشاف الشاي أو القهوة في زوايا قصية من هذه المقاهي عوض الأرصفة التي يفضلونها تجنبا للإحراج أمام ساكنة مسلمة.
وتعمد أغلب المقاهي خلال شهر رمضان إلى تغيير ديكورها عبر إضافة كراسي وموائد لاستيعاب الزبناء الجدد وتزيين الواجهات الزجاجية بمزيد من أطباق الحلوى خصوصا تلك التي تستهلك بكثرة خلال شهر رمضان. كما يعمد بعض أرباب المقاهي إلى استغلال فترة شهر رمضان من أجل زيادة خدمات إضافية مثل توفير موائد الإفطار عبر تقديم الطبق الرئيسي على موائد المغاربة خلال شهر رمضان والمتكون أساسا من مشروب الحريرة، وهو خليط ساخن من الخضر والتوابل، والتمر وحلويات “الشباكية” أو “المخرقة”، حسب التسمية المغربية، في الوقت الذي يمكن للزبناء أن يجلبوا معهم مشتهياتهم الأخرى.
وفي العاصمة الرباط حيث يكثر “الغرباء” من أبناء المدن الأخرى الذين يشتغلون فيها أو يزورونها لقضاء أغراض إدارية فإن مقاهي الإفطار تمتلئ عن آخرها بحيث يمكن للزبون أن يتناول إفطارا كاملا متكونا من “الحريرة” والتمر وقطعة من الحلوى وبيضة مسلوقة ثلاثين درهما، والثمن يرتفع كلما قصد الزبون مقاهي أو مطاعم أكثر رقيا مثل المطاعم الملحقة بالفنادق الراقية والتي تعمد إلى استقطاب زبناء من نوع خاص حيث يمكن ان يصل ثمن وجبة الإفطار إلى أكثر من مائتي درهم.
وعكس المدن المغربية الأخرى فإن العاصمة الرباط تعرف قلة في المقاهي بالمقارنة مع العدد الكبير من الزبناء. ففي أيام السنة العادية يكون من حسن الطالع العثور على مائدة فارغة في مقهى بوسط المدينة، خصوصا خلال فترة المساء حين يخرج الموظفون من مقرات عملهم ويتجه أغلبهم إلى المقاهي لتبادل الحديث وممارسة بعض النميمة، لكن هذه الندرة تزداد خلال شهر رمضان حيث تمتلئ المقاهي بشكل قياسي بعد الإفطار.
وتتخلص الكثير من المقاهي والحانات في المدن المغربية من بضاعتها المسكرة وتقديم النبيذ إلى الزبناء حيث تتحول بعض الحانات إلى “مقاهي حلال” خلال شهر رمضان، أما زبناؤها الذين تعودوا احتساء الكحول والتدخين بشراهة فيتحولون إلى زبناء من نوع خاص حيث يعمد بعضهم إلى ارتداء الجبة التقليدية المغربية والجلوس لشرب الشاي أو القهوة في نفس المكان الذي كانوا يحتسون فيه النبيذ من قبل، وربما يرتادون المسجد بين الفينة والأخرى في انتظار نهاية هذا الشهر الأبرك.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )