المساء اليوم - هيأة التحرير: من المناسب هذه الأيام تذكر الشيخ عبد الباري بن الصديق الزمزمي، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى قبل سنوات طويلة، ومناسبة تذكره هو عبارته الشهيرة التي وصف فيها حزب العدالة والتنمية بأنه "حزب النذالة والتعمية". كثيرون عابوا وقتها على الشيخ قسوته في هذا الوصف واعتبروه تجنيا مبالغا فيه على حزب "إسلامي" يخطو خطواته الأولى في عالم "الأنذال"، ولم يكتب للشيخ الراحل أن يتأكد فعلا من نذالة رفاق بنكيران إبان السنوات العشر التي قضوها في الحكم.. أو تنفيذ الأوامر بعقلية "مشرطين لحناك". مياه كثيرة مرت من تحت الجسر منذ ذلك الوقت وأكدت أن حزب العدالة والتنمية هو أكبر بكثير من "نذالة وتعمية"، إلى درجة أن كثيرين اعتبروه تجسيدا حيا للنفاق السياسي والديني والشخصي، بشكل يفوق بسنوات ضوئية ما جاء في كتاب "الأمير" للإيطالي مكيافيلي. شواهد النذالة في تاريخ هذا الحزب أكثر من أن تعد، آخرها قضية نائب الأمين العام للحزب، جامع المعتصم، الذي اكتشف الناس (فجأة)، أنه يلعب دور الطيب والشرير في فيلم واحد، مثل شخصية الدكتور جيكل والمستر هايد، فهو مع المعارضة والحكومة في آن، يقبض راتبه من يد أخنوش ومن يد بنكيران في آن، وهو إسلامي وليبرالي، مع الشعب ومع الإقطاعية المتوحشة، وفي النهاية هو مع نفسه أولا وأخيرا. عموما، المعتصم ليس وحده من يعتصم بحبل هذا النوع من المصالح، لأن بنكيران نفسه كان ولا يزال يقتات من نظام الريع، يأكل الغلة ويشتم الملة، يقول آمين ثم يبشر بالثورة، يلعب على كل الحبال في نفس السيرك وأمام نفس الجمهور. لا حاجة لمزيد من السرد في سيرة هذا الحزب العجيب، لأنه من الصعب العثور على "بلاغ توضيحي" أكثر نذالة يبرر الأدوار المزدوجة للمعتصم بالقول إن المسؤولية يتحملها رئيس الحكومة الذي تشبث بالمعتصم، وليس حزب بنكيران الذي يلعب قادته دور كبار المنافقين في فجر الإسلام... وفي كل العصور. من النادر العثور على حزب يقول في بيانه التبريري إن المسؤولية يتحملها أخنوش الذي تشبث بالمعتصم، عوض أن يتحملها حزب احترف النفاق إلى درجة أن قادته يلهثون خلف الريع ويبيعون ذممهم للشيطان، ثم يلومون الآخرين لأنهم لا يفهمون منطق طرق استخدام "الأفيون". نعرف جيدا من يكون أخنوش.. ونعرف من يكون بنكيران ومعه المعتصم.. لكن من الصعب فهم سلوك من يسمون أنفسهم مناضلو حزب العدالة والتنمية، فهؤلاء تحولوا إلى مجرد "طراطير" لا يقدمون ولا يؤخرون، يقولون آمين في كل وقت وحين، يشتمون أخنوش ويصلون خلف مدير ديوانه "المكلف بمهمة"، يعلنون الزيادة في المحروقات ويباركون المبادئ المحترقة.. ورحمة الله على الراحل عبد الباري بن الصديق.. اجتهد في الوصف فكان له من الأجر الكثير.