أخنوش وخصومه.. عندما تتصارع الفيَلة..

المساء اليوم – هيأة التحرير:

قبل أن يصير عزيز أخنوش رئيسا للحكومة، وحتى قبل أن يكون رئيسا لحزب سياسي، فإنه كان رجل أعمال مرموق يقول للدرهم كن.. فيكون، وهذا ما جعل الطريق تتعبد أمامه لكي يحقق كل أحلامه، المادية والسياسية، مع بعض التحفظ في أن تكون له أحلام سياسية في الأصل، ربما لأن “الظروف” فرضتها عليه.

رجل الأعمال، يعرف بغريزته القوية، أنه لا يمكن أن ينجح من دون وجود ذراع إعلامي قوي تحميه وتحمي مصالحه ومصالح المقربين منه، خصوصا في زمن استئساد وسائط التواصل الاجتماعي، لذلك “تحزّم” أخنوش بكثير من المنابر الإعلامية حتى قبل أن يصبح رئيس حكومة، والهدف واضح.. وهو أن يقي نفسه شر الهجمات الإعلامية المدمرة، التي كثيرا ما حولت مسيرة الكثير من السياسيين إلى رماد.

وإذا أحصينا ما يمتكله أخنوش من منابر إعلامية بالعربية والفرنسية، أو تلك التي يضخ في محركاتها “البنزين” الضروري لكي تتحرك، فإننا سنصاب بالذهول، ويصبح الذهول أكبر عندما تبدأ الهجمات على الرجل في وسائط التواصل الاجتماعي، مثلما يحدث حاليا، فتتحول كل المنابر الإعلامية ومشتقاتها إلى أصفار كبيرة على الشمال.

لا نحتاج إلى تأمل وضعية رئيس الحكومة اليوم مع الحملة المناهضة لارتفاع الأسعار، والتي استطاعت شيطنته في وقت وجيز، بل يمكن أن نعود بضع سنوات إلى الوراء لنتأمل النجاح الكبير لحملة المقاطعة ضد محروقات أخنوش، إلى درجة أن مسيرته السياسية صارت مهددة بالفعل، بل وبدأ حزبه، التجمع الوطني للأحرار، يطرح عددا من الأسماء البديلة لخلافته، مثل رشيد الطالبي العلمي ومحمد أوجار وحفيظ العلمي وغيرهم.

تلك الحملة التي خرج منها أخنوش مثخنا بالجراح، لم تعق وصوله إلى رئاسة الحكومة، لكن الجدل أثبت أنه “رجل الحملات بالفعل”، وصار اليوم هدفا لحملة شرسة بسبب مسؤوليته المباشرة في الارتفاع المهول للأسعار، في وقت يعاني المغاربة من أزمة غير مسبوقة بسبب ما تسبب فيه الكوفيد من شل أنشطة اقتصادية بالكامل أو بشكل جزئي.

لا أحد يمكنه الآن أن يغبط أخنوش على ما هو فيه، ولا أحد يمكنه أن يجادل في مسؤوليته المباشرة، لكن يجب أن ننتبه إلى أن ما يجري ليس بريئا بما يكفي، لأن هناك صراعا خفيا بين الفيلة، وعندما تتصارع الفيلة يعاني العشب.

لسنا هنا في “المساء اليوم” بصدد الدفاع عن رجل يملك ما يكفي من المدافع الإعلامية التي تطلق باستمرار قذائف وهمية، فالرجل مسؤول بكل معنى الكلمة عن الوضعية الاقتصادية للمغاربة، لكن يجب أن ننتبه جيدا إلى أن هناك صراعا خفيا بين أوزان ثقيلة، وهو صراع له أهداف مختلفة، صراع لم يبدأ اليوم فقط، بل بدأ قبل سنوات، وبدت نتائجه واضحة خلال الانتخابات الماضية، حين قفزت أحزاب شبه ميتة مباشرة من التابوت إلى الواجهة، بفعل العصى السحرية للوبي “الخفي”.

على أية حال، يجب على أخنوش أن يتحمل مسؤوليته كاملة، وعلى المغاربة أن ينتبهوا جيدا لصراع الفيلة، أو قتال “اللوبيات”، فالفيلة عندما تتصالح فإنها تتحالف ضد العشب وتأكله عن بكرة أبيه، وعندما تتصارع فإنها تعفس العشب بحوافرها الضخمة وتسحقه عن بكرة أبيه أيضا.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 1 )

  1. Ahmad :

    مقال ممتاز

    0