المساء اليوم - ح. اعديّل: عاد موضوع مدينتي سبتة ومليلية لكي يحتل واجهات عدد من وسائل الإعلام الإسبانية، بمناسبة ذكرى مرور 40 عاما على دخول إسبانيا الحلف الأطلسي، الذي شكل علامة فارقة في تاريخ البلاد من الناحية العسكرية والسياسية. وتحتل سبتة ومليلية اهتماما متزايدا لدى السياسيين الإسبان وفي وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة، بضعة أشهر على حادثة الاقتحام الشهيرة لمدينة سبتة من طرف آلاف القاصرين والشباب المغاربة، في أوج التوتر بين الرباط ومدريد بسبب قضية دخول زعيم البوليساريو إلى إسبانيا بهوية مزورة بموافقة الحكومة الإسبانية. وكانت هيآت وأحزاب سياسية إسبانية، طالبت بإلحاق سبتة ومليلية تحت جناح الحلف الأطلسي، في الوقت الذي لم تبد الحكومة الإسبانية والحلف أي حماس لذلك، على اعتبار أن المغرب لا يهدف إلى اقتحام المدينتين عسكريا، وأن ما جرى شهر ماي ماضي من اقتحام كان مجرد فاصلة في إطار توتر "مؤقت" بين المغرب وإسبانيا. ونشرت صحيفة "El Confidencial" الإسبانية مؤخرا تقريرا لخبراء إسبان يقول إن سبتة لن تصمد أكثر من ثلاث ساعات في حال قرر المغرب غزوها عسكريا، في الوقت الذي يمكن لمدينة مليلية أن تصمد لساعة إضافية، أي أربع ساعات، قبل أن تكون بدورها في يد القوات المسلحة المغربية. وحسب التقرير الذي أشرف على إنجازه الكولونيل، بلاسكو ألونسو، لحساب المركز الإسباني للدراسات الدفاعية، فإن السؤال ليس هل ستصمد سبتة ومليلية أمام أي اقتحام عسكري مغربي، بل كم من الوقت ستصمدان، مشيرا إلى أن هناك حظوظا بسيطة لنجاح أي تصد للهجوم المغربي على المدينتين. وأشار تقرير بلاسكو إلى أن الإحساس بضعف دفاعات سبتة ومليلية ليس وليد اليوم، بل كان اعتقادا راسخا، أيضا، منذ حقبة الجنرال فرانسيسكو فرانكو وخلال المرحلة الديمقراطية وعودة الملكية، وهو الاعتقاد، يقول التقرير، تشترك فيه إسبانيا مع الولايات المتحدة الأمريكية التي ترى بدورها أن سبتة ومليلية متاحتان بالكامل أمام القوات المسلحة المغربية. ويقول التقرير الإسباني إن حوالي 40 ألف جندي مغربي يستطيعون "احتلال" مليلية بالكامل في أربع ساعات، وأقل من ذلك بساعة تستطيع سبتة الصمود، بسبب تضاريسها الجغرافية التي لا تمنحها أية امتيازات دفاعية. ويضيف التقرير أنه حتى لو دخلت سبتة ومليلية تحت جناح حماية الحلف الأطلسي، كما يطالب بذلك الحزب اليميني المتطرف (VOX) وهيآت أخرى، فإن ذلك لا يمنحها الحماية الكاملة أمام أي "غزو" مغربي. وكانت تقارير عسكرية وسياسية إسبانية ذكرت مؤخرا أن الوضعية الحالية لسبتة ومليلية لا تهم المغرب، وأنه لا توجد أي نية للدولة المغربية في استعادة المدينتين بالطرق العسكرية أو حتى بطرق مشابهة لاقتحام سبتة مدنيا.