إسبانيا لم تعد مستعجلة للتطبيع مع المغرب.. والعلاقات عادت إلى نقطة الصفر

المساء اليوم – ح. اعديل:

لم تعد إسبانيا مستعجلة لتطبيع العلاقات مع المغرب، وهو ما تترجمه عدد من المواقف التي أعلنتها الحكومة الإسبانية في الآونة الأخيرة، بدءا بمناورات عسكرية مشتركة مع الجزائر، ومرورا بإرسال قطع حربية بحرية إلى الجزر الجعفرية، وانتهاء بلوم المغرب على ما تعتبره مدريد تهاونا في مواجهة الهجرة السرية، دون نسيان توشيح وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة.

وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، ترجم بصريح العبارة مغزى هذه المواقف الاسبانية الجديدة بالقول إنه “يلزم التريث مع المغرب طالما لم يتم تجاوز أخطاء الماضي”، في إشارة إلى “أخطاء” المغرب وليس إسبانيا.

الحكومة الإسبانية التي كانت مستعجلة جدا من أجل إعادة العلاقات مع المغرب إلى طبيعتها، أرسلت في الفترة الأخيرة أكثر من رسالة نحو المغرب، بعضها تتسم بنبرة “الاستفزاز”، مثل إجراء مناورات عسكرية مشتركة مع الجزالر، في وقت حساس تمر به العلاقات المغربية الجزائرية المقطوعة منذ غشت الماضي.

الرسالة الأخرى القوية التي بعثت بها إسبانيا نحو المغرب، مؤخرا، هي “إعادة الاعتبار” لوزيرة الخارجية الإسبانية السابقة، آرانتشا سانشيز لايا، التي تم توشيحها الشهر الماضي بأرفع وسام في البلاد، وسام الملك كارلوس الثالث، بتوصية مباشرة من رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز.

وكانت لايا أقيلت من منصبها قبل عدة أشهر بسبب تحميلها المسؤولية حول دخول زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، إلى إسبانيا، شهر أبريل الماضي بهوية مزورة، للاستشفاء في إحدى مصحاتها من فيروس كورونا. وجاءت إقالة لايا وقتها كمحاولة من طرف الحكومة الإسبانية للملمة الأزمة مع المغرب، وتم تعويضها بالسفير الإسباني في باريس، خوسي مانويل ألباريس.

ولم تتوقف الرسائل الإسبانية الأخيرة عند هذا الحد، حيث أرسلت إسبانيا قطعا عسكرية بحرية إلى محيط الجزر الجعفرية، التي كانت موضع جدل بين البلدين عقب احتجاج إسبانيا الى إقامة مزارع أسماك مغربية على مقربة من الجزر.

ومباشرة بعد ذلك توالت الرسائل الإسبانية المشفرة وغير المشفرة نحو المغرب، من بينها تصريحات إسبانية بعدم الرضا عن دور المغرب في التعامل مع الهجرة السرية، بعد أسابيع فقط على إشادة إسبانية بدور المغرب في الحد من تنامي أعداد المهاجرين السريين.

كما أصدرت مدريد مؤخرا وثيقة أسمتها “استراتيجية الأمن القومي الإسباني”، وتضمنت عبارات ومصطلحات غير معتادة في طبيعة الحوار مع المغرب، مثل “ضرورة التعاون المخلص” ثم “التركيز على استراتيجية خاصة بمدينتي سبتة ومليلية” لمواجهة ما اعتبرته مخططات المغرب.

وفي كل هذه المواقف الإسبانية، هناك رسالة أكبر تشي ضمنيا بأن مدريد لن تغير موقفها من قضية الصحراء قيد أنملة، خصوصا فيما يتعلق بمسألة الحكم الذاتي، الذي حظي مؤخرا بإشادة ألمانية رسمية، وكان ذلك إيذانا بنبذ التوتر بين المغرب وألمانيا، الذي استمر عدة أشهر.

ويبدو أن مدريد تعبت من اللامبالاة المغربية حول موضوع تطبيع العلاقات بين الجانبين، فقررت أن تنهج الأسلوب نفسه، مع إضافة الكثير من التوابل، حتى تقذف الكرة في مرمى المغرب.

غير أن المواقف الإسبانية الأخيرة لا يبدو أنها ستكون الحل السحري لحلحلة العلاقة مع المغرب، الذي يبدو اليوم في وضع أكثر ارتياحا، خصوصا بعد استعادة علاقاته من ألمانيا لعافيتها، وعقده اتفاقيات تعاون مع البرتغال والصين، وتمتين أكبر لعلاقات الرباط مع واشنطن وتل أبيب، وفرض “توازن رعب” على البوليساريو في الصحراء، عبر عمليات عسكرية نوعية قضت على قياديين عسكريين بارزين بالجبهة.

لكن الأكيد، من خلال هذه المواقف الإسبانية، هو أن العلاقات بين الرباط ومدريد عادت إلى نقطة الصفر، وربما تنزل إلى ما تحت الصفر في الأسابيع والأشهر المقبلة، وقد تشهد تصعيدا غير متوقع في أية لحظة.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )