المساء اليوم - هيأة التحرير: في كل حكومة يوجد جحا، شاء أم أبى، وفي حكومة العثماني كان جحا الأكبر هو العثماني نفسه، وفي وقت من الأوقات جاء الوزير عبيابة، الذي كان ناطقا رسميا باسم الحكومة، فخلط شعبان برمضان أكثر من مرة، وأحرج المغرب مع أصدقائه بسبب جهله بأسماء رؤساء دول، وأشياء كثيرة أخرى. وفي الحكومة التي سبقت، لعب بنكيران دور جحا بامتياز، لكن كان إلى جانبه الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، الذي تحول إلى مهزلة حين استضافته قناة فرنسية وجرته جرا للحديث بالفرنسية، وثبت أن الرجل يتقن الفرنسية بنفس الدرجة التي يتقن فيها الصينية.. ولا يزال المغاربة يتذكرون عبارة je suis clair.. وعموما فإن عدم الحديث بالفرنسية ليس عيبا، لكن العيب الأكبر أن تتظاهر بذلك. في الحكومة الحالية يوجد ناطق رسمي باسم الحكومة، اسمه مصطفى بايتاس، لكن الرجل لا يزال محافظا على رباطة جأشه إلى حدود الساعة، ولم يتحول، بعد، إلى جحا الحكومة، لكن للحكومة الحالية جحاها، وهو وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، الذي يصر في كل مرة على وضع نفسه في موقع صعب.. قد يجعل مصيره، في أول تعديل حكومي، مثل موقع الوزير عبيابة. في آخر تصريح علني ومثير لوزير الصحة، كان يتحدث عن الجدل الذي أثاره فرض جواز التلقيح، وفي لحظة سهو، أو لحظة صحو، قال الوزير الزعيم إن "الأقلية لن تفرض رأيها على الأغلبية"، في إشارة إلى المحتجين على الجواز، وهم في رأيه أقلية، "الذين يحاولون فرض رأيهم على الأغلبية". كانت تلك لحظة سيئة، ليس للوزير فقط، بل لحكومة أخنوش كلها، لأن وزيرا بداخلها يتصرف مع المغرب بمنطق الأبارتهايد، ويتحدث عن الأقلية والأغلبية في بلد واحد، بل وفي موضوع يحظى بالإجماع، لأن المغاربة متفقون على التلقيح، ويختلفون حول جواز التلقيح. وقبل ذلك سبق للوزير نفسه، في الحكومة السابقة، أن قال عبارة "هاديك المدينة اللي فالشمال"، في إشارة إلى مدينة مغربية كان يتفشى فيها فيروس كورنا، وأصابت تصريحاته الناس بالصدمة، بسبب وزير يتحدث عن مدينة مغربية كأنه يتحدث عن ووهان الصينية. أكيد أن تصريحات أخرى لآيت الطالب قادمة في الطريق، لكن قد تأتي معها مسألة أخرى، وهي أنه قد يكون ضحية لسانه كما كان الذين سبقوه. لقد استمر وزير الصحة في الحكومة بمعجزة.. وقد يتطلب بقاءه فيها معجزة أخرى..