المساء اليوم - هيأة التحرير: سيستمر الجدل طويلا حول طريقة وفاة عبد الوهاب بلفقيه، المرشح لرئاسة جهة كلميم واد نون، والذي غادر إلى دار البقاء برصاصة، وهي رصاصة تقول النيابة العامة إنها نتيجة انتحار، بينهما يلقي البعض بمزيد من الغموض على ما جرى. في كل الأحوال فالرجل مات برصاص الغدر قبل أن يموت برصاص البندقية، وهو كتب جملة بليغة تثبت ذلك، حين قال في ورقة تركها للأحياء "أتأسف للغدر الذي صدر من جهة من وضعت ثقتي فيها". بلفقيه كتب ذلك الكلام منتصف شتنبر، أي بعد أن قرر عبد اللطيف وهبي، الأمين العام للأصالة والمعاصرة، سحب تزكية ترشيحه لرئاسة جهة كلميم مع أنه كان يتوفر على أغلبية مريحة. الراحل حين يتحدث عن الغدر في السياسة فإنه يتحدث عن أهم أسس السياسة، وربما كان يعرف، أن الغدر يولد في أحشاء السياسة ثم يتفرق على باقي المجالات. هناك مصادر أخرى تقول إن وهبي استقطب بلفقيه بصعوبة بعد أن وعده بأشياء يمكن أن يتحكم فيها القانون فقط، وهذا في حد ذاته، لو صدق، يعتبر أخطر من أية جريمة، والأيام ستكشف عن حقيقة هذا المعطى. هناك الوجه الآخر لهذه المأساة، وهو وجه التحالف الثلاثي الذي أنشأته الأحزاب الثلاثة المتصدرة للانتخابات، تحالف سرعان ما تحول إلى آلة دكتاتورية جهنمية تفرض على منتسبي الأحزاب، في كل المدن، الانصياع التام لما تفرضه قوانين التحالف، وإلا فإن الطرد والعقاب سيكون من نصيب "المتمردين". في عدد من المدن والجهات والجماعات كان مرشحون يتوفرون على أغلبيات انتخابية مريحة سرعان ما اندثرت بعد صدور أوامر التحالف الثلاثي بالإذعان، وهناك مدن حولت وجهتها من عمداء أكفاء ونزهاء إلى أشخاص أخرجهم التحالف للتو من قعر البئر ووضعهم على رأس المناصب الكبرى رغم أنف الناس، وربما كانت مأساة بلفقيه أبرز نتائج تلك الأوامر، حيث تحطمت أغلبيته المريحة لفائدة قرار الانصياع، وتحول التحالف الثلاثي إلى "ثالوث مرعب" لمنتسبي ومرشحي هذه الأحزاب. والمؤسف أن قيادة "التحالف الثلاثي" في العاصمة كانت على علم بأن الكثير من مرشحيها في المدن الأخرى لهم ارتباطات تحالفية مختلفة، ولهم قناعات شخصية وسياسية تفرض عليهم تحالفات معينة، لكن الأوامر الصادرة من تحالف الرباط للقواعد بضرورة الانصياع حولت التحالفات إلى ما يشبه جسد فرانكنشتاين.. جسد مشوه ومرعب.. وعقل تائه وعدواني. مؤسف ما جرى.. ونتمنى أن يستعيد "التحالف الثلاثي" عقله في أقرب وقت.