المساء اليوم - هيأة التحرير: لا أحد يمكنه أن يقبل ما يتعرض له نساء ورجال التعليم من عنف في وقفاتهم الاحتجاجية بمختلف المدن المغربية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالاحتجاج على مطالب يمكن التفاوض حولها والتوصل إلى اتفاق في زمن يسير. غير أن ذلك لم يحدث، لذلك فإن الاحتجاجات والإضرابات مستمرة، وبالضبط بالنسبة لأساتذة الثانوي التأهيلي، الذين لم يكتفوا بالاحتجاج والإضراب، بل رفضوا ترقين نقط المراقبة المستمرة بمنظومة مسار، باعتبارها مهاما إضافية لا تدخل ضمن مهام الأستاذ، والامتناع عن تقديم اقتراحات امتحانات شهادة الباكالوريا، وتجميد المشاركة في المجالس التعليمية والتربوية والتدبيرية. وفوق هذا وذاك فإن مسلسل الإضرابات مستمر، ليس فقط عبر الإضراب الذي يأخذ طابع "العطلة" ليوم أو بضعة أيام، بل لأن الأساتذة المحتجين قرروا التوقف عن العمل لمدة أربع ساعات في اليوم، ساعتان في الصباح ومثلهما في المساء، أي أن الإضراب أخذ طابع نصف يوم في كل يوم، وهذا معناه 3 أيام في الأسبوع، وبمعنى آخر 15 عشر يوما في كل شهر. إنه حساب رهيب يجعلنا نتساءل كيف بدأت الإضرابات قبل أن يدفئ تلاميذ الثانويات التأهيلية مقاعدهم، وهذا ما يؤثر بشكل خطير على العملية التعليمية، خصوصا وأن الكثير من التلاميذ هم في السنة الأخيرة من دراستهم الثانوية، وتنتظرهم امتحانات البكالوريا الحاسمة نهاية الموسم الدراسي. للأسف فإن هذه الإضرابات ليست تلك التي تعودنا عليها، بل هي إضرابات يومية، وفي حال طالت فإنها ستشكل تهديدا حقيقيا لمسار التلاميذ ومستقبلهم، وهذه حالة تتحمل مسؤوليتها وزارة التعليم أولا، وأيضا يتحمل مسؤوليتها المضربون الذين جعلوا من مصير التلاميذ حائطا قصيرا يمكن القفز فوقه بسهولة. كنا نتمنى لو أن المضربين كانوا أكثر حكمة وخاضوا إضرابات أقل راديكالية، لكن للأسف فإن هذه الإضرابات اليومية صارت بمثابة عبث حقيقي، وضخاياه ليسوا سوى أبناء المغاربة جميعا. لن نقدم دروسا لأحد حين نقول إنه كان من الممكن ارتداء الشارات الاحتجاجية ومواصلة العمل، أو الإضراب الرمزي لساعة أو ساعتين في الأسبوع، لكن الإضراب عن العمل لأربع ساعات كل يوم، فهذا يحتاج لتناول الكثير من "حبة الفهامة" لفهمه! في كل هذا نتمنى لو أن أسرة التعليم، التي تحظى بكثير من التقدير في المجتمع المغربي، تنتبه إلى موجة الاستياء من هذه الإضرابات داخل الأسر المغربية، وهو ما يمكن أن يتطور إلى تنافر كبير مستقبلا، وهذا شيء لا يتمناه أحد.