المساء اليوم - هيأة التحرير: الوزير المهدي بنسعيد، أفاق نفسه وأفاقنا معه هذه الأيام، عندما اعترف أن المغرب يسير بسرعتين، بل بأكثر من سرعة، حين يبدو المظهر خداعا في النمو والتطور، بينما في العمق هناك أشياء مخجلة، من بينهما مراكز حماية الطفولة والخيريات ومآوي العجزة في عدد من مناطق البلاد. وزير الثقافة والاتصال دخل مؤخرا، وربما بالصدفة، إلى مراكز لحماية الطفولة في الدار البيضاء، أكبر مدينة بالمغرب، وهذه المراكز يوجد بها أيتام وأطفال تقطعت بهم سبل الحياة والأبوة، ويعيشون في أوضاع مهينة، بل أكثر من مهينة، ورأى ما جعل النوم يطير من جفونه. الوزير قال بالحرف عقب الزيارة "فاش دخلت لمراكز حماية الطفولة حشمت بزاف، لأنه داكشي لي شفت مؤلم جدا وفي الوقت بلادنا غادا كتطور نسينا فئة عندها غا حنايا". الوزير بنسعيد لم يقل هذا الكلام خفية بين أصدقائه في مجلس حميمي، بل قال ذلك علنا في جلسة بالبرلمان، وصرح أن هؤلاء الأطفال ليس لهم آباء، أو أولياء، ويعولون على الإمكانيات، التي تمنحها لهم الدولة كي يعيشوا حياة كريمة. وأضاف الوزير "ما رأيته في مراكز الطفولة في الدار البيضاء آلمني جدا.. يومين منعستش. كلنا كنتحملو المسؤولية أغلبية، ومعارضة". ما فعله الوزير بنسعيد هو أنه ألقى حجرا في المستنقع الراكد، لأن هناك وهما كبيرا في البلاد بكوننا نتقدم كثيرا، ونرى القناطر والبُراق والمطارات والطرق السيارة وناطحات السحاب وأشياء أخرى فنضرب في صدورنا فخرا، بينما هناك جانب مخجل ومقيت نتظاهر بأنه غير موجود، وهو هذه الطفولة البئيسة لعدد كبير من الأطفال الذين يعيشون في ما يسمى دور الرعاية، وحتى الكثير من الشيوخ في مراكز الإيواء، الذين يعيشون ظروفا أشبه بظروف العصور الوسطى. آن لنا أن نستيقظ من الوهم الكبير، وهم أننا تطورنا، وننظر حوالينا لنكتشف أن التطور هو ألا نجد بيننا أطفالا مُحتقرين وعجزة مُهانين وشوارع ملأى بالمشردين ومدمنين هائمين وتجار مخدرات متجبرين ومسؤولين فاسدين. التنمية هي الرقي بالبشر، وما عدا ذلك مجرد وهم.. وهم كبير.