المساء اليوم - طنجة: في زقاق ضيق بالمدينة العتيقة، كان سائحان مسنان يتمشيان بهدوء، قبل أن تبدأ سائحة في الصراخ بعبارات بالإيطالية "estupido.. estupido.. بينما تمر قربها دراجة نارية يقودها صاحبها بسرعة جنونية. هذا واحد من المشاهد الكثيرة والمقرفة التي تعيشها المدينة العتيقة بطنجة، والتي شهدت في السنوات الأخيرة عملية إعادة هيكلة واسعة غيرت الكثير من ملامحها، لكن المنطقة ظلت غارقة في الفوضى التي تتسبب فيها الدراجات النارية التي صارت كابوسا للسكان والسياح على حد سواء. ومنذ أن تم فتح باب الاستيراد لهذه الدراجات الكارثية التي تسمى ذباب الطرقات، أصبحت شوارع المدينة غارقة في الفوضى والعربدة، وتزداد هذه الفوضى بشاعة في المدينة العتيقة، التي يقصدها يوميا آلاف السياح من مختلف مناطق العالم. وتستقطب المدينة العتيقة أزيد من 90 في المائة من السياح، كما تعرف رواجا تجاريا ملحوظا، يساعدها على ذلك مجاورتها للميناء الذي يستقبل باستمرار سياحا من مختلف مناطق العام. ورغم الشكاوى الكثيرة للسكان من هذا الوضع غير المسبوق، إلا أن هذه الدراجات حولت المدينة العتيقة إلى حلبة للعربدة والعدوانية، سواء عبر الأخطار التي تسببها، أو عبر ضجيجها أو التلوث الكبير الذي تخلقه في المكان. وتسببت هذه الدراجات النارية في حوادث خطيرة بأزقة المدينة العتيقة، خصوصا وأن المارة يعتقدون أنفسهم في مأمن من مخاطر السير، قبل أن تفاجئهم هذه الدراجات في أي وقت. ومع أنه توجد علامات في مختلف مناطق المدينة العتيقة تمنع ولوج الدراجات النارية، إلا أن لا أحد ينضبط للقانون، وما يشجع على هذا التمرد هو أنه لا يتم تغريم أو مصادرة دراجات المخالفين. غير أن السياحة في المدينة العتيقة تواجه تحديات أخرى، في ظل انتشار كبير للمعتوهين والمتسولين والمدمنين، والذين حولوا المنطقة إلى مسرح للكوميديا السوداء، بحيث لا يتورعون عن مضايقة السياح بطرق عدوانية. وفي ساحة "سنترال"، التي تعتبر القلب النابض للمدينة العتيقة، يتجمع عدد كبير من المتسولين والمدمنين، الذين يقومون بحرب مضادة للرواج السياحي الذي أضحت المدينة تعيشه في السنوات الأخيرة. وفي أي وقت، يمكن أن يظهر شخص يتعرى أمام المارة أو يسب العابرين، أو حتى الاعتداء بوسائل مختلف على المارة من المغاربة والأجانب. ويزداد الوضع سوءا مع دخول سيارات إلى الشارع الرئيسي الرابط بين المسجد الأعظم وساحة 9 أبريل، رغم منع ذلك قانونيا، لكن القانون في هذه المنطقة غالبا ما يدخل في سبات شتوي طويل الأمد.