المساء اليوم - الرباط: انعقدت اليوم الثلاثاء بالعاصمة المغربية الرباط، فعاليات الدورة السادسة عشرة للمنتدى الوزاري الإفريقي حول تحديث الإدارة العمومية، والمنظمة بشراكة مع الدورة الستين لمجلس إدارة مركز التكوين والبحث الإفريقي في مجال الإدارة من أجل التنمية (CAFRAD)، بحضور وزاري رفيع المستوى ومشاركة مسؤولين أفارقة يمثلون مختلف الدول والمؤسسات القارية. وفي كلمتها الافتتاحية، أعربت وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، عن اعتزاز المملكة المغربية باحتضان هذه المحطة القارية البارزة، مرحبة بالمشاركين في الرباط، ومشددة على رمزية هذا اللقاء الذي يجسد التزام القارة الإفريقية بتحديث حكامتها العمومية، وتعزيز التضامن الإفريقي من أجل قارة قوية ومسؤولة. وأكدت الوزيرة أن "إفريقيا اليوم تتحرك بثقة، مستندة إلى رأسمال بشري متميز، وشباب مبدع، ومبادرات متجددة"، مبرزة أن العديد من الدول الإفريقية انخرطت خلال السنوات الأخيرة في إصلاحات هيكلية جريئة، واستثمرت في الرقمنة والتعليم وريادة الأعمال والحكامة الشاملة، في ظل رؤية تنموية يقودها الاتحاد الإفريقي عبر أجندة 2063. مؤشرات مقلقة وسياق يتطلب التحرك العاجل ورغم الدينامية الإيجابية، لفتت الوزيرة الانتباه إلى تحديات بنيوية لا تزال تعرقل بلوغ الأهداف الأممية، وعلى رأسها أهداف التنمية المستدامة (ODD). فأقل من 6% من الأهداف القابلة للقياس مرشحة للتحقق في أفق 2030 داخل القارة، مع مؤشرات مقلقة حول استمرار الفقر، ضعف جودة الخدمات العمومية، هشاشة المؤسسات، وتفاقم تداعيات التغيرات المناخية والنزاعات. واستنادًا إلى التقرير القاري حول التنمية المستدامة لسنة 2024، فإن استمرار هذا المنحى سيُفضي إلى واقع مأساوي بحلول 2030، مع بقاء ما لا يقل عن 492 مليون إفريقي تحت عتبة الفقر المدقع. كما أن غياب معطيات إحصائية دقيقة يحول دون تقييم فعلي لمسارات الإصلاح وفعالية السياسات العمومية. "التحول يبدأ من الإدارة" في هذا السياق، شددت المسؤولة المغربية على أن التغيير يبدأ من داخل الإدارة العمومية ذاتها، داعية إلى "رؤية جديدة للخدمة العمومية الإفريقية، تقوم على القرب، والفعالية، والمسؤولية". وأكدت أن المنتدى يشكل فرصة استراتيجية لتأهيل القيادات الإفريقية وتزويدها بأدوات عملية ومهارات إنسانية لازمة لقيادة التحول في مؤسسات الدولة. وأكدت الوزيرة أن "القيادة التحويلية" و"الحكامة الرقمية" و"التمويل المبتكر" و"الإدارة الذكية" تمثل اليوم مفاتيح أساسية لإحداث التغيير المنشود، مشددة على أهمية تأهيل الموارد البشرية وتعزيز الشراكات جنوب-جنوب لضمان استدامة التحول الإداري في إفريقيا. من مركز للتكوين إلى مدرسة للقيادة وسلطت الوزيرة الضوء على الدور المحوري لمركز كافراد CAFRAD، باعتباره أقدم منظمة إفريقية متخصصة في الإدارة العمومية، مؤكدة أنه مدعو اليوم لتجديد دوره والانتقال من مركز تقني إلى مدرسة إفريقية للقيادة العمومية، ومختبر سياسات، ومنصة لتقاطع الخبرات بين الدول الإفريقية. ويُنتظر أن يتحول كافراد CAFRAD إلى فضاء للتكوين في ميادين الحكامة الرقمية، الذكاء الاصطناعي، التحول البيئي، المالية العمومية المستدامة، والإدارة التشاركية، بما يجعله حلقة وصل بين أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 وأجندة الأمم المتحدة 2030. المغرب.. خيار استراتيجي للتعاون الإفريقي وفي ختام كلمتها، أكدت الوزيرة أن المغرب، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، اختار التعاون الإفريقي خيارًا استراتيجيًا مبنيًا على التضامن والاحترام المتبادل. وذكّرت بأن وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة تبذل جهودًا حثيثة من أجل دعم المؤسسات الإفريقية، وتبادل التجارب، وتوفير فضاءات للحوار والتفكير المشترك. ودعت الوزيرة في الأخير إلى أن يُفضي هذا المنتدى إلى "توصيات دقيقة، والتزامات ملموسة، وخارطة طريق مشتركة"، تُمكّن من إطلاق دينامية إفريقية جديدة في مجال الحكامة العمومية. "لنجعل من CAFRAD القلب النابض لهذا التحول الإفريقي المنشود"، بهذه العبارة ختمت المسؤولة المغربية كلمتها، داعية إلى استثمار هذا الحدث لبناء مستقبل إداري إفريقي واعد، يستجيب لتطلعات الشعوب ويواكب تحديات القرن الواحد والعشرين. وقد عرف الملتقى ، مشاركة عدد كبير من الشخصيات أعضاء مركز كافراد، منهم ثمانية وزراء يمثلون النيجر وموريتانيا وتشاد والسينغال وبوركينافاسو والكاميرون وبوروندي وبنين.