المساء اليوم - هيأة التحرير: كان ممكنا لبيان حزب العدالة والتنمية حول زلزال الحوز أن يكون مثاليا، فقد استوفى كل شروط الإدراك الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لما جرى، غير أن ختامه لم يكن مسكا. البيان كان وازنا ومتوازنا في أغلب فقراته، وحتى مع بعض الاختلاف، فإنه يعكس نضجا، ولو متأخرا، لحزب جرب كل شيء، بدءا بالحصار والمطاردة، ومرورا بالمعارضة ثم الحكم، وانتهاء بنكسة سياسية يتوق الحزب لأن يخرج منها يوما بأخف الأضرار. لكن الطبع يغلب التطبع، وبيان "العدالة والتنمية" حول الزلزال أعاد هذا الحزب إلى زمن الغي الديني والسياسي، فربط، ولو بشكل غير صريح، بين الزلزال والذنوب، فجاء رد الفعل سريعا عبر استقالة فورية لأحد كبار قيادييه، عبد القادر عمارة، الوزير السابق وحكيم الظل، وقد تتلوها استقالات أخرى لقياديين هالهم هذا الربط التعسفي بين ما هو إنساني وبين ما هو ديني وسياسي. قد يكون الحديث عن الذنوب السياسية مجرد إحالة رمزية إلى "البلوكاج" الذي عانى منه حزب العدالة والتنمية في الحكومة الثانية لعبد الإله بنكيران، مع أشياء أخرى، من بينها تلك النكسة الانتخابية والسياسية التي تعرض لها الحزب في آخر انتخابات في البلاد، في 8 شتنبر 2021، حين تحول إسلاميو المغرب من القوة الأولى إلى مجرد كومبارس انتخابي. لكن الخطأ الكبير الذي سقط فيه بيان الحزب هو استعمال كلمة الذنوب وربطها بالزلزال، صحيح أن الكلام كان مجازيا أكثر منه دينيا، لكن قادة هذا الحزب لا يدركون حساسية الكلمات وقوة المصطلحات في مثل هذه الظروف. وربما يدرك قادة العدالة والتنمية أن الذنوب التي ارتكبوها في حق المغاربة إبان "حكمهم" الذي استمر 10 سنوات كانت فظيعة فعلا، فقد لعبوا دور حملة الأسفار، ومرروا فوق ظهورهم كل القرارات الطبقية والإجراءات المهينة، وبقي الحزب صامتا، ممارسا دوره الكامل في حمل الأسفار دون الاستفادة منها. لا يمكن لهذا الحزب أن يلوم الآخرين على ما آلت إليه أوضاعه، فالضرر الذي أوقعه "العدالة والتنمية" بنفسه أكبر بكثير من الذي أوقعه الآخرون به. إنه حزب يفترس نفسه في السر والعلن.. في الحكم والمعارضة.. في الطمأنينة والزلزال!...