المساء اليوم - أحمد فلاح: هناك مثل مغربي عجيب يقول "البعرة كتبقا تفتش على اختها 40 يوم"..! والبعرة، لمن لا يعرفها، هي روث البقر، أما المعنى العميق لهذا المثل فقد نكتشفه مع رسالة التهنئة التي وجهها عمدة الصدفة بطنجة، منير ليموري، عن حزب الأصالة والمعاصرة، إلى مخرجة الصدفة سامية أقريو، والمناسبة هي مسلسل "دار النسا"..! ففي حركة التفافية عجيبة لعمدة طنجة على المشاكل الحقيقية لطنجة، تفاجأ سكان المدينة برسالة التهنئة الدافئة التي أرسلها العمدة إلى أقريو، وهي رسالة تجعل من يقرؤها يعتقد أن المسلسل حصد كل جوائز المهرجانات، وبقي له فقط دخول الجنة بلا حساب..! وتعبر رسالة ليموري عن "بالغ تقديره وعظيم امتنانه" لطاقم مسلسل دار النسا، الذي تبثه القناة الأولى في رمضان الحالي، والذي خلف سخطا شعبيا واسعا في المغرب كله، وفي طنجة خصوصا، بالنظر إلى رداءته وأخطائه المنهجية والتقنية أولا، وبالنظر لإساءته البالغة لسكان طنجة والشمال عموما. ويقول ليموري في رسالته "هذا العمل، باختياره المدينة العتيقة لطنجة فضاء رئيسيا لأحداثه وباستعماله تقنيات تصوير احترافية، وزوايا تظهر ارتباط طنجة بالطبيعة والبحر أعطى صورة جميلة عن المدينة، وساهم في إبراز غناها الثقافي وتنوعها الحضاري، وأثبت أحقيتها كواحدة من بين أكثر مدن المملكة جذبا للسياح”. كما أشار عمدة طنجة إلى إن هذا المسلسل: “استطاع أن ينقل الجمهور المغربي إلى طنجة، في جولة سياحية وثقافية زاخرة بالجمال، أسهمت في التعريف بالتحول الكبير الذي عرفته مدينة البوغاز خلال السنوات الأخيرة". وبغض النظر عن رأي العمدة، الذي يبدو أنه لم ير أية حلقة في المسلسل، فإن هذه الرسالة تركت سخطا كبيرا في المدينة، لأنها تورط العمدة بالمشاركة في إهانة سكان طنجة، سواء عبر أحداث المسلسل، أو عبر تصريح مخرجته الشاونية سامية أقريو، أو بطلته الزيلاشية نورا الصقلي، بكون طنجة لا تتوفر على ممثلين في المستوى لذلك لم يتم إشراك أي فنان طنجاوي في المسلسل. ويتساءل سكان طنجة إن كان العمدة، الذي يسمونه "العمدة الكارثة" يعتبر أن إرسال رسالة مجاملة ونفاق لطاقم مسلسل تافه أهم من الانتباه إلى المشاكل الكثيرة للسكان، والتي تفاقمت مع وصوله إلى منصب العمدية بشكل مفاجئ وغريب. وما زاد من صدمة السكان من رسالة العمدة هو أن عددا من الجمعيات بالمدينة كانت تستعد لمقاضاة مخرجة المسلسل، ليس فقط بسبب حلقاته المسيئة للمدينة، بل أيضا بسبب التصريحات المستفزة للمخرجة أقريو والممثلة نورا الصقلي حول فناني المدينة. والمثير أن العمدة الذي دبج هذه الرسالة لم يحضر طوال شهر رمضان أي نشاط ثقافي، رغم الأنشطة الكثيرة التي شهدتها المدينة، باستثناء مروره العابر بالصدفة على معرض تشكيلي بمقر المديرية الجهوية للثقافة، بعدما انتهى من شراء "بلغة العيد" من شارع قريب، فوجد باب المديرية مفتوحا ودخل. ويبدو أن نهاية المسلسل كانت سعيدة فعلا، ليس في التلفزيون بل في الواقع، حينما عثرت البعرة الذكر، على البعرة الأنثى، وقررا تبادل رسائل الإعجاب والمديح، وهما في النهاية مجرد "كوار البعر"، الأول يكور البعر في السياسة وأخرى تكور البعر في التلفزيون.