المساء اليوم - الفحص أنجرة: مباشرة بعد تفجر موضوع قصر بوسكورة، أو كما سماه البعض "قصر الكرملين"، ظهرت في إقليم الفحص أنجرة، بطنجة، حالة مشابهة في ملكية رئيس جماعة، مقرب جدا من إدارة ميناء طنجة المتوسط. وفي الوقت الذي جرى فيه ترحيل عدد كبير من السكان وانتزاع ملكية أراضيهم لأسباب مرتبطة بأنشطة توسعية للميناء المتوسطي، فإن رئيس جماعة قصر المجاز يمارس عملية التوسع بطريقته الخاصة، حيث ازدهرت مشاريعه بالمنطقة المجاورة للميناء، وحتى داخله. وأطلق السكان في المنطقة اسم "قصر الكرملين الشمالي"، على بناية كبيرة مطلة على مضيق جبل طارق، والتي تحمل اسم “فندق مقهى مطعم قصر المجاز”، وإلى جانبها مخبزة تحمل اسم “الزهراء ميد”. وتتكون واجهة المبنى من طابق أرضي يضم مقهى ومطعما، إضافة إلى طابقين علويين، فيما يشبه مركبا سياحيا كامل الأوصاف. كما يتوفر المبنى على مسبحين وعدد من الفيلات الصغيرة والشقق المخصّصة للإقامات المؤقتة والمعروفة بين السكان باسم بـ”الشقق المفروشة"، والتي تُكترى جاهزة من الألف إلى الياء. الفندق الذي تعود ملكيته لبرلماني تجمعي، الذي يشغل أيضا رئاسة جماعة قصر المجاز، يثير حاليا الكثير من الجدل، على اعتبار أن السكان لا يفهمون سر ترحيل الكثير منهم من أراضيهم الأصلية، بينما تزدهر بشكل مثير مشاريع رئيس الجماعة، الذي يرتبط أيضا بمصالح اقتصادية قوية مع الميناء المتوسطي. وما يزيد من حدة الجدل حول صاحب "كرملين قصر المجاز"، هو أن هذا "المنتخب" سبق أن استفاد من سقوط المتابعة بالتقادم، في قضية تتعلق بوثيقة تحمل رقم 04/2004 صادرة عن الجماعة، رغم أن إصدارها لا يدخل ضمن اختصاصه، غير أن الإشكالية تكمن في كون الوثيقة استعملت سنة 2017 لتأمين عملية توسعة عقار لصالح أحد المالكين، انتقل بموجبها من مساحة ثلاثة آلاف متر مربع إلى نحو هكتارين، تمهيدا للاستفادة من تعويضات الاحتلال عند شق الطريق المتوسطية. غير أن الملف تم إغلاقه بشكل نهائي وخرج منه الجميع كما تخرج الشعرة من العجين. الفصل الثاني من "الكرملين الشمالي" هو المخبزة المجاورة، التي تحمل اسم “الزهراء ميد”، وتعود ملكيتها لابن البرلماني نفسه، الذي يرأس جمعية أرباب المخابز، وهو أيضا برلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي. وفي كل هذا، فإن أسوأ ما في الأمر هو ما يؤكده السكان من كون المنشأتين معا أقيمتا فوق الملك العام، وهو ما جعل العامل السابق لإقليم الفحص أنجرة يرفض طلب البرلمانييْن تسوية وضعيتهما. ويتابع الرأي العام المحلي رد فعل السلطات إزاء "الكرملين الشمالي"، خصوصا بعد حادثة هدم "كرملين بوسكورة"، والذي قاد عددا من المسؤولين والمنتخبين نحو المساءلة، وقد تكون هناك حالات عزل وشيكة. ويوجد العامل الحالي لإقليم الفحص أنجرة، محمد خلفاوي، أمام اختبار حقيقي، فإما أنه سيطبق القانون، كما يقتضي المنطق، أو أنه سيتغافل عما يجري، وبذلك سيعطي نموذجا سيئا لدور السلطة في عدم القدرة على كبح جماح الفوضى، خصوصا وأن وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، شدد، قبل أيام فقط، على ضرورة إعادة كل ما هو من حق العموم إلى الدولة، سواء تعلق الأمر بالمال أو بالأراضي والعقارات التي تملكها البعض بطرق تدليسية. غير أن هذا الملف ليس الوحيد في جماعة قصر المجاز، فهناك ملفات كثيرة أخرى، أبرزها تجزئة تسمى "ظهر الخرّوب"، المطلة مباشرة على الميناء المتوسطي ومضيق جبل طارق، وتوجد مجموعة "العمران" في قلب هذا الموضوع، بالإضافة طبعا إلى البرلماني صاحب "الكرملين الشمالي"، وتلك حكاية أخرى.