المساء اليوم - هيأة التحرير: يصعب على عموم المغاربة فهم ما يجري حاليا بين المحامين ووزير "العدل" عبد اللطيف وهبي. ويصعب أكثر فهم أن المحامين يخوضون المعركة، فقط، شفقة بجيوب المواطنين، فالقضية، في البداية والنهاية، قضية نسبية، تختلط فيه الكثير من المعطيات والمصالح. المواطن المغربي يعتبر المحكمة، ومنذ زمن طويل، شرا لا بد منه، أو صراطا قد يسقط منه نحو فوهة جهنم في أية لحظة، ولا علاقة لذلك بطبيعة القضايا أو قوة الملفات أو غير ذلك. والمواطن المغربي يعتبر المرور من المحاكم بمثابة "سيزي" بكل ما في الكلمة من معنى، والمحامي ليس سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد. حقيقي أن رفع تكاليف التقاضي سيضر بالمتقاضين، لكن هناك أشياء كثيرة أخرى تضر المتقاضين بشكل أكبر بكثير، والمحامون يعرفون جيدا ظاهرة السمسرة التي انتشرت في محيط المحاكم، وصار عدد السماسرة يفوقون عدد المحامين. وحتى داخل جسم المحامين هناك ظواهر كثيرة مسيئة جدا لهذه المهنة، وهي ظواهر لم تظهر أمس فقط، بل بدأت منذ سنوات طويلة وستظل مستمرة ما دام الجميع يمارس معها لعبة النعامة. هناك ظواهر أخرى في كل قطاع القضاء تتطلب شجاعة حقيقية، ليس فقط من طرف المحامين والوزير، بل أيضا من طرف القضاة وكل الفاعلين في هذا المجال الحساس جدا جدا. مشكل القضاء في المغرب ليس هو رفع تكاليف التقاضي، هذه معركة وهمية، رغم أهميتها النسبية، فالقضية أعمق من هذا بكثير، لأن التكاليف الرسمية للتقاضي ليست سوى جزء بسيط جدا من "تكاليف" كثيرة تحول التقاضي في المغرب إلى قطعة من الجحيم. نتمنى أن نرى يوما معركة جماعية حقيقية وصادقة ينخرط فيها الجميع، محامون وقضاة ونيابة عامة ووزراء وغيرهم، من أجل جعل القضاء ملاذا حقيقيا للمواطن.