المساء اليوم - هيأة التحرير: حتى ساعات قليلة قبل موعد انتخابات الأربعاء، كان الكثيرون، وعلى رأسهم قادة "البيجيدي"، يعتقدون أن مرتبتهم ستكون الثالثة.. او الرابعة في أسوأ الحالات، وأن عدد المقاعد البرلمانية التي سيحصلون عليها لن تقل عن الستين. وحتى أعتى المحللين والخبراء، لم يتوقعوا هذا الزلزال المدمر لحزب العدالة والتنمية، فان تنزل من 125 مقعدا إلى 12 مقعدا في ظرف خمس سنوات، فهذا يحتاج إلى خبراء حل الألغاز وليس خبراء السياسة. البعض يتحدثون اليوم عن مؤامرة ضد حزب العدالة والتنمية، والحقيقة أن المؤامرة الخارجية موجودة، لكنها بسيطة جدا مقارنة مع المؤامرة الداخلية التي حاكها البيجيدي ضد نفسه. ظل قادة البيجيدي، على مدى سنوات طويلة، يعتقدون أن لحاهم ستحميهم من غضب الناس، وأن تمسكهم بظاهر الدين ستخفي الجرائم الاقتصادية والاجتماعية التي ارتكبوها خلال عشر سنوات، سواء مختارين او مجبرين، وفي النهاية جاءت ساعة الحقيقة. قد تكون انتخابات 8 شتنبر واحدة من أهم الانتخابات التي عرفتها البلاد، ليست لأنها سترسم خارطة سياسية جديدة، بل لأنها كرست منطق التصويت العقابي ضد الأحزاب التي تستهتر بشعبيتها وتعتقد أن قوتها أزلية، مثلما فعل حزب العدالة والتنمية. لن نسرد حماقات البيجيدي في الحكم، فنحن نعرف أنه كان صاغرا خنوعا في الكثير من مواقفه، لكنه كان أيضا واعيا بالكثير من قراراته، وفي المجمل فإنه أدى الثمن. ما يحدث اليوم في البيجيدي شأن داخلي، فله أن ينشق او يبقى على حاله، فهذا ليس شأن الناس، لكن ينبغي أن تمر سنوات طويلة جدا قبل أن يحلم هذا الحزب المتعجرف بالعودة مجددا إلى قوته. لسنا سذجا حتى نقول إن المغرب سيدخل عهدا جديدا مع "الفائزين" في الانتخابات، فكثير من الوجوه البارزة لها سوابق في اللصوصية منذ عقود، لكننا يجب أن نتفاءل، ولو قليلا، لسبب بسيط، وهو أن البيجيدي كان ممقوتا من الجميع، وحدسنا يقول لنا إن الأمور لن تكون جيدة جدا، بل على الأقل، ستكون أقل سوءا، وهذا في حد ذاته ربح كبير. لقد أدب المغاربة حزب العدالة والتنمية، لكن ينبغي أن يتعودوا على تأديب كل السياسيين الأفاقين وكل الأحزاب المارقة، ليس مرة كل خمس سنوات، بل في كل يوم.