نجيب الأضادي يشهد المغرب في السنوات الأخيرة موجة من التوتر الاجتماعي بين الشباب ومؤسسات الدولة، في وقت يزداد فيه الإحباط بسبب البطالة، وتردي الخدمات الأساسية، وضعف المشاركة الحقيقية في القرار. وللخروج من هذه الأزمة، يحتاج المغرب إلى استراتيجية إصلاحية شاملة وعاجلة، تعتمد على إشراك الشباب، وتعزيز الشفافية، وإعادة الثقة في المؤسسات. أول خطوات هذا الإصلاح تتمثل في الإنصات لجيل الشباب وإشراكه في القرار الوطني من خلال مبادرات مؤسساتية وإعلامية جديدة. الشباب اليوم يمتلك رؤية واضحة وطاقة للتغيير، وإشراكه سيجعل السياسات أكثر قربًا من الواقع. على صعيد الخدمات العمومية، يصبح إطلاق إصلاح عاجل في قطاعات التعليم والصحة ضرورة ملحة. هذا الإصلاح يحتاج إلى إشراف مباشر من أعلى سلطة في البلاد لضمان الفاعلية والعدالة، ومواجهة الفوارق المجالية التي تعاني منها بعض المناطق المهمشة. ولا يمكن الحديث عن الإصلاح دون محاسبة صارمة ومكافحة الفساد. يتطلب ذلك حملة وطنية لتعزيز الشفافية وتغيير بعض الوجوه الإدارية غير الفاعلة، مع إعادة الثقة في الهيئات الرقابية والمؤسسات الحقوقية عبر تجديد النخب بوجوه نزيهة ومصداقية. كما أصبح الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والمحتوى الرقمي ضرورة لمواكبة أساليب التواصل الحديثة للشباب، وتوظيف هذه الأدوات في فتح النقاش العمومي وتمكين الإعلام من مساءلة حقيقية. وهذا سيساهم في بناء جسر تواصل مباشر بين الدولة والجيل الجديد، ويجعل الحوار أكثر شفافية وفاعلية. على المستوى الخارجي، يجب أن يقترن الإصلاح الداخلي بـحملة دبلوماسية وإعلامية لإبراز الصورة الإصلاحية للمغرب وشرح الخطوات العملية التي تم اتخاذها، مما يعزز موقع المملكة دوليا ويكسبها مصداقية أكبر في الساحة الدولية. أخيرا، ينبغي تجديد الخطاب العمومي والنخب السياسية واستبعاد الوجوه التي فقدت ثقة الشارع، والعمل على إحياء روح النموذج التنموي الجديد من خلال تحقيق العدالة المجالية والاهتمام بالمناطق المهمشة، لضمان شعور كل المواطنين بأنهم شركاء في التنمية. إن غاية هذه المقترحات ليست مجرد تحسين الوضع المؤقت، بل بناء الثقة، وفتح صفحة إصلاح وطني شجاع يقوده جيل جديد بثقة وتفاؤل، قادر على تحويل التحديات إلى فرص حقيقية لبناء مغرب قوي ومتماسك. * مدون وكاتب رأي