مراكش - سميرة مغداد بعد تجربته الطويلة والخاصة في السينما، عاد نور الدين لخماري إلى الفن السابع من خلال العرض الأول لفيلمه "ميرا"، في بانوراما السينما المغربية، ضمن فعاليات الدورة 22 لمهرجان الفيلم الدولي بمراكش. وحضر جمهور غفير لمشاهدة الفيلم الذي عرض في قاعة السفراء بقصر المؤتمرات. الفيلم يدخل في خانة أفلام سينما المؤلف برؤية عميقة تسائل القيم الإنسانية النبيلة وسط تعقيدات الناس والصور النمطية عن الأقليات والنظرة الجاهزة عن المرأة. وحاول لخماري، بجد وهدوء، تقديم رؤية فنية للعلاقات بين بني البشر وسط وضعيات مهمشة وهامشية، أقحم فيها حتى العلاقات في التعامل مع أناس مختلفين ساقتهم ظروف العيش الصعب ليكونوا بيننا، وهم المهاجرين الأفارقة الذين جعلوا من المغرب، أو أي بلد آخر، ممرا للعبور نحو ضفة أخرى. يحمل الفيلم زخما قويا من قيم التعايش والتضامن والمحبة، عبر قصة فتاة صغيرة تعيش بأحلامها وصفائهاباستمرار داخل الغابة، مستحضرة روح والدها الطيب الوسيم الذي يعيش في وجدانها وكأنه لم يمت، مقاومة ذاك الشر المتربص من خلال شخصين يقتنصان الطيور لأجل بيعها، بينما هي الفتاة "ميرا" أخذت على عاتقها تحرير كل طائر من شباك جشع لاينضب. "ميرا" حمالة المحبة ومشاعر الانعتاق من كل قبيح وسيء، في إشارة إلى البحث عن مكامن الحب الذي يقدمه الفيلم للعيش في سلام مع النفس والآخرين. "ميرا"، التي يحيل اسمها على الأسطورة الشعبية، هي الأمل وهي المنفذة من ظلام الحقد الذي يسود القلوب. بهذا الفيلم يعود لخماري إلى منبعه الأصلي في التعامل مع المشاعر الرقيقة واستفزاز السلام الداخلي الذي دشن به عودته من النرويج منذ مايزيد من 25 سنة، بعد أن غاص بنا لسنوات في عوالم الدار البيضاء وماجاورها من تعقيدات الحياة المتمدنة، واليوم كان الفضاء مختلف تماما يدور بين الأشجار والطيور والسماء، فضاء منفتح على التأمل في الحياة وإدراك معانيها التي تبدأ وتنتهي بالحرية والإيمان بالاختلاف واحترام الذات والآخرين. أنهى لخماري فيلمه على إيقاع تصاعدي صارخ واحتمالات متعددة قد تكون منحت النهاية نوعا من الارتباك، لكنه ينتصر للمحبة والسلام والحرية.