المساء اليوم: تحول الاجتماع العادي لمنتخبي مقاطعة طنجة المدينة، إلى ثورة للمنتخبين ضد الوالي يونس التازي، بسبب أشغال "الإصلاح" التي تعرفها عدد من مناطق المدينة، والتي تحولت إلى ما يشبه نكبة بسبب طبيعتها العشوائية والخروقات الكثيرة التي طبعتها. وخلال الاجتماع، لوحظ إجماع غير مسبوق من طرف كل الفعاليات السياسية المشكلة لمجلس المقاطعة (باستثناء الأصالة والمعاصرة)، والتي أدان ممثلوها بقوة ما اعتبروه الوضعية الكارثية لهذه الأشغال، التي حولت أجزاء واسعة من المدينة إلى ركام من الحجارة والغبار والاختناقات المرورية والخروقات القانونية الخطيرة. ووصف منتخبون الأشغال بأنها لم تحترم السكان، بل تحتقرهم، كما أن الأشغال تجري بطريقة غير قانونية لأنها لا تحترم الشروط المعمول بها في دفتر التحملات. وتساءل منتخبون عن ميزانية الأشغال، التي قالوا إنهم يجهلونها تماما، كما تساءلوا عن الشركات التي تقوم بالأشغال، وهي شركات مجهولة ولا أحد، باستثناء الوالي التازي ومعاونوه الذين يعرفون هويتها، وربما حتى الجهات التي منحتها الصفقات. وقال منتخبون من تشكيلات سياسية مختلفة، إنهم يحسون بالحرج عندما يسألهم مواطنون عن تفاصيل الأشغال أو تاريخ انتهائها، لأنهم لا يعرفون التفاصيل أصلا. ولمح منتخبون إلى فرضية استقالة جماعية في حالة كان وجودهم لا يعني شيئا، مضيفين أن الإصلاح، بقدر ما هو هام وضروري، إلا أن الأشغال الحالية كارثية بكل المقاييس. ومنذ أزيد من شهرين، تم حفر مساحات شاسعة من طنجة لتوسعة طرقات وإصلاح أرصفة واستعادة الملك العام، غير أن طبيعة الأشغال طرحت الكثير من التساؤلات الحارقة بين السكان، باعتبارها أشغالا شبه سرية، لا أحد يعرف أسماء الشركات المكلفة بها ولا الميزانية المرصودة لها ولا تصاميم ما قبل وما بعد الإصلاح. وتتسبب هذه الأشغال في انقطاعات مستمرة لتزود السكان بالماء والكهرباء وشبكة الاتصالات على مختلف أنواعها، من دون إشعار مسبق. وقبل بضعة أيام تسببت هذه الأشغال في انقطاع تزويد حوالي مليون ساكن بالماء الصالح للشرب، واستمر الانقطاع لحوالي يوم كامل، ولم تتقدم السلطات أو الشركات بأي اعتذار للسكان حول ما جرى. ويقول السكان إن سلطات طنجة، المشرفة المباشرة على الأشغال، تتصرف بمنطق التعالي على السكان واعتبارهم مجرد "زوائد دودية"، حيث لم تقدم لهم أية تفاصيل حول طبيعة الأشغال أو تاريخ الانتهاء منها أو غيرها من التفاصيل. ولم تكلف السلطات نفسها عناء التواصل مع السكان أو ممثليهم، حيث بدأت الأشغال بشكل مفاجئ من طرف شركات مجهولة، يقول البعض إنها مفروضة "بالتيليكوموند" من طرف جهات ما، خصوصا وأنه لم تجر سمسرة عمومية حول الموضوع، كما ينص على ذلك قانون الصفقات العمومية. ويطالب السكان من السلطات الكشف عن أسماء الشركات المكلفة بالأشغال لعدة أسباب، الأول معرفة سيرتها الذاتية ووضعيتها المالية والقانونية ومُلاكها المباشرين وغير المباشرين، وثانيا إمكانية مقاضاتها بسبب الأضرار الكبيرة التي تتسبب فيها للسكان، وثالثا لمعرفة دفاتر التحملات التي يفترض أنها تقدمت بها للحصول على الصفقات. وفي الجهة المقابلة تبدو السلطات غير مبالية بسيل الانتقادات الموجهة لها، لذلك نسيت تماما شيئا اسمه التواصل، غير أنه في بعض الأحيان، يختار مسؤولو ولاية طنجة منبرا إعلاميا معينا، ومقربا منهم، ليمدوه بمعلومات شحيحة جدا على طريقة السقي ب"كُوتْ أكُوتْ". ويسود جو من التشاؤم بين السكان على اعتبار أنه ليس من المتوقع أن تتواصل السلطات مع المنابر الإعلامية أو السكان وممثليهم، رغم أن والي طنجة، يونس التازي، نطق مؤخرا بعد صمت طويل، وتحدث بطريقة الألغاز عن رخص وتجزئات وبارونات وما شابه، إلى درجة أن الكثيرين لم يفهموا ما كان يعنيه، ثم عاد إلى مكتبه بالطابق الرابع للولاية ليدخل مجددا في سبات صيفي قد يستمر طويلا.