المساء اليوم - أ. مرادي: بعد أن يوارى الطفل ريان الثرى، سيبقى سؤالا كبيرا يشغل الناس، وهو متى كانت وفاة الطفل وكيف كانت نتائج التشريح، وهي أسئلة لا تحتاج إلى الكثير من التكهنات، بل هي في حاجة إلى بيان رسمي درءا للشائعات، التي تشتعل اشتعال النار في الهشيم هذه الأيام. وعلى الرغم من كل التكهنات التي كانت تشير إلى أن الطفل ريان لا يمكنه أن يبقى على قيد الحياة بعد خمسة أيام كاملة في قعر جب بطول 32 مترا، إلا أن بصيصا جدا من الأمل ظل حاضرا عند الحشود التي كانت حاضرة في عين المكان، وأيضا عند مئات الملايين من المتعاطفين في شتى أنحاء العالم، خصوصا في العالمين العربي والإسلامي. وبدا من خلال المعطيات التي بدأت تتسرب انطلاقا من أول أمس الجمعة، أن الطفل ريان فارق الحياة، على الأرجح، وأن كل ما يمكن لفرق الإنقاذ القيام به هو إخراج جثته من الحفرة العميقة وتسليمه لوالديه، وأيضا إثبات كفاءة كبيرة لفرق الإنقاذ المغربية، التي دخلت لأول مرة في تاريخها تحديا من هذا النوع. غير أن ترجيح وفاة ريان لم يكن تخرج على العموم لأحد أمرين، الأول هول الحفاظ على بصيص الأمل، ما دام أن موته لم يثبت عليما ومعاينة، والثاني هو الحفاظ حماس الناس والروح الجماعية بالتضامن والتآزر. وعندما وصلت مصالح الإنقاذ إلى مكان الطفل، بدأ الإحساس ينتشر بين الحشود المتجمعة في المكان، وأيضا ملايين الناس داخل المغرب وخارجه، بأن شيئا ما ليس على ما يرام، وأن التأخر في كشف حالة الطفل صار مقلقا. في ظل هذه الريبة عاد كثيرون لترديد معطيات حاولوا تناسيها من أجل رغبة دفينة في رؤية الطفل حيا، حتى لو كانت كل المعطيات الواقعية والعلمية تستبعد ذلك، من بينها أن الطفل سقط في حفرة عمقها 32 مترا، وأن هذا المعطى لوحده كاف لكي يقضي على أي أمل في النجاة، بالإضافة إلى معطيات كثيرة أخرى، مثل غياب الطعام والشراب والهواء، مع ما يرافق ذلك من حالة نفسية مستعصية لطفل في الخامسة من عمره. وفي كل مرة كان الشك يستبد بالناس، يعود الأمل، عنوة، ليرفرف فوق المكان، فيلهج الناس بالدعاء لعلها تعاكس واقعا قاسيا من الصعب لطفل في الخامسة التغلب عليه. وفي النهاية، وبعدما تمكنت فرق البحث والإنقاذ من إخراج الطفل ريان بعد خمسة أيام من الجهود المتواصلة والدؤوبة للوصول إليه في البئر، ساد الفرح لبضع دقائق، وصار الناس يتبادلون التهاني، ورفع المبتهجون قرب البئر رحلا من الوقاية المدنية على الأكتاف فرحت، لكن للقدر سننه التي لا ترد، فقد مات ريان. وفي الوقت الذي يودع العالم ابنه ريان، فإن الحاجة تبقى ملحة للإجابة على بعض التفاصيل، ولجم الشائعات التي تتغذى من الغموض.