المساء اليوم – متابعة: بعد تأكيد مصادر ديبلوماسية جزائرية قبل أيام عقد قمة ثلاثية بين الرئيسين المصري والجزائري وأمير الكويت، غادر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ظهر أمس الثلاثاء الكويت فجأة، قبل وصول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بساعات، ما يعني إلغاء القمة الثلاثية التي كان من المنتظر عقدها. وحسب ما سُرب من أنباء فإن "سبب إلغاء القمة هو غضب الرئيس المصري من لقاء تبون برئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة في قطر، إضافة إلى إعلان كل من إثيوبيا ونيجيريا والجزائر وجنوب إفريقيا تشكيل (مجموعة الأربعة) على هامش القمة الإفريقية الأوروبية ببروكسل، والتي تهدف حسب أعضائها إلى "حل مشكلات ونزاعات إفريقيا". انزعاج القاهرة من لقاء تبون برئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة، سببه أن مصر ترى أن الأخير "انتهى سياسياً بعد سحب الثقة منه من طرف مجلس النواب الليبي بقيادة عقيلة صالح، المقرب منها، كما أن القاهرة تسعى إلى الدفع بفتحي باشاغا لرئاسة الحكومة، فيما ترى الجزائر أن الدبيبة هو رئيس الحكومة الشرعي وفق ما أقرته الأمم المتحدة". أما السبب الثاني لانزعاج مصر من الجزائر هو إعلان تشكيل (مجموعة الأربعة)، التي كانت بمبادرة من رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، وتضم إضافة إلى إثيوبيا كلا من نيجيريا والجزائر وجنوب إفريقيا، كما أن "الغضب المصري مرده عدم دعوتها إلى الانضمام إلى المجموعة"، خاصةً وأنها حسب أعضائها، "تضم إحدى أكبر وأهم الدول الإفريقية"، والأمر الآخر، الذي زاد من غضب القاهرة وجود إثيوبيا في المجموعة وهي التي ما زالت في خلافات كبيرة معها بسبب تداعيات بناء سد النهضة. ويرى مراقبون أن عدم لقاء السيسي وتبون وإلغاء القمة المصرية الجزائرية في الكويت، قد يكون مؤشراً على عودة الصراع بين القاهرة والجزائر، وبعثه من جديد، خصوصاً وأن تاريخ العلاقة الجزائرية المصرية، طالما عرف مداً وجزراً، ووفق ما كانت تمليه بعض الملفات الإقليمية والعربية. ففي بداية الخمسينات، كانت العلاقة قوية بين البلدين، حيث كانت القاهرة وقتها وجهة لكبار المسؤولين التاريخيين في الجزائر من أجل الإعداد لإطلاق شرارة ثورة التحرير، ولم تخف مصر، وقتها، دعم ومساندة الجزائريين من أجل تحقيق مشروع الاستقلال الذي تجسد في سنة 1962. وظلت العلاقات متميزة بين البلدين إلى غاية الانقلاب العسكري الذي قاده وزير الدفاع آنذاك، هواري بومدين، ضد الرئيس الجزائري أحمد بن بلة عام 1965، حيث تعكرت الأجواء بين الطرفين بسبب "الحظوة" التي كان يتمتع بها الأخير عند الرئيس المصري جمال عبد الناصر. وتمكن الرئيس هواري بومدين من تجاوز هذه الحساسية الطارئة بين العلاقات بعدها، من خلال السماح بمشاركة الجيش الجزائري في "الحرب العربية - الإسرائيلية". لكن سرعان ما عادت هذه العلاقات لتتدهور مجددا بعد انخراط الرئيس المصري أنور السادات في معاهدة السلام مع الطرف الإسرائيلي، وإمضائه على اتفاقية "كامب ديفيد". وقتها قاطعت الجزائر، رفقة بلدان عربية أخرى، النظام المصري وفضلت الانخراط في ما كان يعرف بـ"جبهة التصدي والصمود". وظل التنافر مستمرا بين الطرفين إلى غاية مجيء الرئيس محمد حسني مبارك إلى السلطة مطلع الثمانينات، وبقي الوضع يترنح وفق ما كانت تمليه بعض الملفات الإقليمية والعربية.