بعد “ضمانات” أميركية: بريطانيا تُقرر تسليم مؤسس ويكيليكس لواشنطن

المساء اليوم:
فجّر قضاة المحكمة العليا البريطانية قنبلة من العيار الثقيل، بقرارهم السماح بتسليم جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس إلى واشنطن، خلافا للقرار الذي أصدرته محكمة “ويست مينيستر” بداية العام، والقاضي بمنع ترحيله إلى الولايات المتحدة.
واستند اثنان من أكبر قضاة المملكة المتحدة، في قرارهما، على ما أسموها الضمانات التي قدمتها الولايات المتحدة رسميا، لحماية الصحة العقلية لأسانج. وأحدث قرار المحكمة العليا جدلا واسعا في البلاد وخارجها، ذلك أنه يضع حدا لمعركة قانونية استمرت سنوات بين الفريق القانوني لمؤسّس موقع ويكيليكس وبين الولايات المتحدة. فهل بات تسليم المطلوب الأول لواشنطن مسألة وقت؟
لماذا هذا الحكم؟
يعتبر قرار المحكمة العليا انتصارا لواشنطن، فالأخيرة استأنفت القرار الصادر بداية العام الحالي من محكمة “ويست مينيستر” القاضي برفض تسليم أسانج بسبب المخاوف على صحته النفسية، في حال تسليمه للولايات المتحدة ووضعه بسجن شديد الحراسة. وحسب قضاة المحكمة العليا، فإن قرارهم الجديد ينبني على التعهدات الرسمية التي قدمتها الولايات المتحدة للحفاظ على السلامة النفسية لأسانج.
وأشار هؤلاء القضاة إلى أن محكمة “ويست مينيستر” عندما اتخذت قرارها في يناير الماضي لم تكن تتوفر على الضمانات الجديدة المقدمة من الولايات المتحدة، والتي قلبت تقييم القضاة للمخاطر التي قد يواجهها أسانج هناك. وقالوا إن الضمانات الأمريكية يجب التعامل معها كتعهدات رسمية بين دول، مما يقتضي احترامها من الولايات المتحدة وعدم وضعها موضع تشكيك.
ما الضمانات التي قدمتها واشنطن؟
قدمت الولايات المتحدة 4 ضمانات، لتأكيد أنها لن تتخذ أية إجراءات تضع السلامة العقلية والنفسية لأسانج في موضع خطر، أولها أن مؤسس ويكيليكس لن يخضع للحبس الانفرادي سواء خلال محاكمته أو بعدها، ولن يتم احتجازه بسجن ” إيه دي إكس سوبرماكس” شديد الحراسة بمدينة فلورانس في ولاية كولورادو، وفيه يتم احتجاز أخطر المطلوبين للولايات المتحدة.
كما أكد محامو الولايات المتحدة أن أسانج سيسمح له بالانتقال إلى أستراليا لقضاء أية عقوبة قد يُحكم بها، وأن يكون السجن قريبا من المدينة التي يختارها. وشكك هؤلاء المحامون في جدية المرض النفسي لأسانج، وكذلك اعتباره خطيرا بما يكفي لمنع تسليمه.
ما الخيارات المطروحة أمام دفاع أسانج؟
سيحاول فريق دفاع أسانج الحصول على موافقة لاستئناف قرار المحكمة العليا، من خلال فتح بابين: الأول سؤال المحكمة العليا هل تسريب الوثائق الأمنية التي نشرها أسانج بموقع ويكيليكس تعد فعلا تهديدا الأمن القومي والتجسس؟ أم أنها حرية للتعبير وحق النشر؟ وبكون المتابعة الأميركية لأسانج سياسية وليست قانونية. إلا أن تقديرات كثيرة تتوقع أن ترفض المحكمة النظر في هذا الطلب.
أما الباب الثاني -الذي سيحاول المحامون اللجوء إليه- فهو مطالبتهم المحكمة العليا تقييم الضمانات المقدمة من الولايات المتحدة، وهل هي كفيلة بتوفير السلامة لأسانج؟ وحتى هذا الطلب قد يتم رفضه من هذه المحكمة. أما سبب الرفض، حسب بعض التحليلات القانونية، فهو أن الالتزامات المقدمة من الدول لا تشكل أي تعارض مع القانون.
ومن المتوقع أن تبدأ جلسات طلب الاستئناف من المحكمة العليا خلال الأشهر المقبلة، دون معرفة الوقت الذي قد تتطلبه. وفي حال رفضت المحكمة العليا الاستئناف، فلن يبقى أمام دفاع أسانج سوى اللجوء للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للبت في هذه القضية.
ما هي إجراءات التسليم؟
بعد صدور قرار المحكمة العليا مباشرة، تم توجيه الحكم لوزارة الداخلية، الموكول إليها مهمة تسليم المطلوبين من دول أخرى، وسيكون القرار الأخير في يد الوزيرة بريتي باتيل، لتحديد موعد تسليم أسانج. ورغم التوفر على السند القانوني لتسليم أسانج للولايات المتحدة، فإن هناك جانبا سياسيا في القرار، ستراعيه حكومة جونسون، مع مراعاة الغضب الحقوقي والإعلامي داخليا وخارجيا لهذا القرار. ومن المتوقع أن تنتظر وزيرة الداخلية، إلى حين بت المحكمة العليا في قرار قبول الاستئناف من عدمه.
ما التهم الموجهة لأسانج؟
ويقول محامو أسانج: إنه إذا أدين بالولايات المتحدة، فقد يواجه عقوبة محتملة تصل إلى 175 عاما. في المقابل، تقول الحكومة الأميركية إن الحكم من المرجح أن يتراوح بين 4 أو 6 سنوات كحد أقصى.
تعليقات ( 0 )