المساء اليوم - أ. مرادي: في الوقت الذي يقترب موعد انتهاء القرار الحكومي بإغلاق الحدود في وجه الرحلات الدولية، يسود اعتقاد واسع أن قرار تمديد الإغلاق غير وارد، بالنظر إلى التطور الإيجابي للحالة الوبائية، وهو تطور يفيد بنمو حالات العدوى، مع انخفاض ملموس في خطورة الفيروس. ومن المرتقب أن يتم فتح الحدود الدولية مع بداية فبراير المقبل، أي بعد حوالي أسبوعين من الآن، وهو ما أشاع موجة من التفاؤل، سواء في أوساط الناس العاديين أو في أوساط المقاولين ورجال الأعمال. وكان المغرب قد أعلن عن تعليق الرحلات الجوية المباشرة للمسافرين من البلاد وإليها، نهاية نونبر الماضي، ثم أعلن، في دجنبر الماضي، تمديده إلى غاية نهاية شهر يناير الجاري. وقال البروفيسور، عز الدين الإبراهيمي، عضو اللجنة العلمية، إنه ربما حان وقت إعادة فتح الحدود، مضيفا أنه لم يجد سببا مقنعا للاستمرار في غلقها، خصوصا وأن السبب وراء الإغلاق لم يكن أبدا منع متحور "أوميكرون" من الوصول للمغرب، لأن الفيروسات وكورونا لا تعترف بالحدود، و لكن الهدف كان استباقيا لإبطاء وصول سلالة أوميكرون للمغرب حتى يتم التمكن من معرفة كل خاصياتها والاستعداد لمواجهتها. وأضاف الإبراهيمي أن "المصابين بأوميكرون المصحوب بأعراض أقل عرضة بـ 53 في المائة من دخول المستشفى، و أقل عرضة ب 74 في المائة من الدخول لأقسام العناية المركزة، وأقل عرضة للموت ب 91 في المائة، ولا يحتاجون إلى تهوية ميكانيكية، كما أن متوسط مدة الإقامة بالمستشفى للمرضى المصابين بأوميكرون هو يوم و نصف مقارنةً بما يقرب من خمسة أيام بالنسبة إلى المرضى المصابين بدلتا"، معتبرا أنه "إذا كنا قد تركنا حدودنا مفتوحة في مواجهة دلتا، التي هي أخطر من أوميكرون… فالمنطق يقضي على الأقل، التعامل بالمثل". وشدد الإبراهيمي على أن "استمرار إغلاق الحدود بحجة الخوف من الفيروس لا يرصد أي مكتسبات، لا من الناحية الصحية ولا الوبائية ولا الاقتصادية ولا الاجتماعية، ولا يلمع سمعة المغرب، ولا يعطي مصداقية أكبر لقراراته". وفتحت غالبية بلدان العالم أجواءها مؤخرا، في وقت تتصاعد فيه حالات الإصابة بالفيروس المتحور، والذي تراجعت شراستة المميتة بنسبة كبيرة، مما يجعل من الاستمرار في إغلاق الحدود من دون تفسير منطقي، كما أن كل الهيآت الصحية الدولية أوصت بفتح الحدود. ويسود اعتقاد واسع في الشارع المغربي من أن الاستمرار في إغلاق الحدود سيكون ضربة مميتة لعدد كبير من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وهي قطاعات تحملت أكثر مما يجب خلال الجائحة، وأن الاستمرار في خنقها سيؤدي على كوارث اجتماعية حقيقية. وينتظر المغاربة العودة إلى حياتهم الطبيعية والتعايش مع الفيروس الذي لن يغادر العالم قريبا، غير أنه سيكون ممكنا التغلب عليه في مقبل الشهور والسنوات، سواء عبر اكتشاف لقاحات جديدة أو عبر انخفاض قدرته الإمراضية. ولا يبدو الفيروس، اليوم، أكثر خطورة من خطر اختناق القوت اليومي لأغلبية المغاربة، والذين لم يعودوا يتحملون الضرر الناتج عن إغلاق الحدود وخنق قطاعات اقتصادية حيوية، التي دخلت قسم الإنعاش منذ شهور طويلة، ويلزم إخراجها منها في أسرع وقت. وسيكون من العبث الاستمرار في إغلاق الحدود مخافة تفشي الفيروس المتحور، في الوقت الذي ينتشر فيه بشكل غير مسبوق رغم كل الاحتياطات، أي أنه يسخر من كل عمليات الإغلاق، والتأثير الأخطر الذي يمارسه الفيروس حاليا هو قتل الاقتصاد وخنق القوت اليومي للمغاربة. ووفق خبراء صحيين فإن الفيروس المتحور "أوميكرون" قد تكون له إيجابيات كبيرة، من بينها أنه قد يجعل من نظرية مناعة القطيع أمرا ممكنا.