جمهوريتان في خيمة واحدة..!

المساء اليوم – ح. اعديل:

احتضنت الجزائر مؤخرا لقاء تحت عنوان “جمهورية الريف وحق استعادة الاستقلال”، وهو لقاء حظي بتغطية إعلامية مكثفة لوسائل الإعلام المقربة من السلطة، إلى درجة أن السلطات اضطرت لوضع ميكروفونات قنوات تلفزية ذات مصداقية، من دون علم هذه القنوات.. وبعض الميكروفونات كانت لقنوات لم توجد يوما في الجزائر..!

البداية كانت سيئة إذن، وما زاد من رداءة المشهد هو أن الذين حضروا هذا اللقاء هم أشخاص لا يكاد يعرفهم أحد، لكن السلطات الجزائرية نجحت، فعلا، وهذا شيء يجب الاعتراف به، في ملء القاعة الصغيرة التي عقد فيها اللقاء ب”البشر”.

هذا اللقاء كان موضوعه “استعادة استقلال جمهورية الريف”، وكلمة استعادة تعني أن شيئا ما كان موجودا وينبغي استعادته، وفي هذه الحالة فإن الشعار هو خطيئة أخرى في هذا اللقاء.

من الجانب المغربي حضر شخص يحمل صفة رئيس حزب ريفي يدعو للانفصال، وهو ربما لم يعش يوما واحدا بالمغرب، لكنه يطمح أن يؤسس لنفسه جمهورية تكون له دائما.

في قاعة اللقاء حضر كثيرون من أعضاء مجموعة البوليساريو، وهذا شيء طبيعي، فالمثل المغربي يقول إن “البعرة تظل تبحث عن أختها 40 يوما”، وفي حالة جمهورية الريف وجمهورية البوليساريو فعملية بحث البعرتين عن بعضهما ربما استمرت أقل من ذلك، لأن الرائحة كانت قوية.

ما قاله رئيس “جمهورية الريف” خلال اللقاء يشير إلى أن الرجل جاد فعلا وأنه لا يلعب، أي أنه يريد أن يبقى لفترة طويلة بالجزائر يأكل ويشرب على حساب العسكر، وأن علم جمهوريته سيوفر له ولمجموعته ما يكفي من الكلأ ومصروف الجيب في مقبل السنوات.

لكن هناك مشكلة، وهي أن الجزائر، التي تعرف طبعا أن ما يسمى “جمهورية الريف” هي مجرد لعبة مؤقتة، قد تدفع رئيس “الجمهورية الريفية” إلى البحث منذ الآن عن بديل في حال ما إذا قررت الجزائر يوما السير على خطى فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة والصين وبلدان أخرى كثيرة.. وهذا ليس من الخيال العلمي.

هناك معضلة أخرى، وهي أن أصغر عسكري في جيش شنقريحة يأمر “زعيم جمهورية” بإشعال سيجارته، وفي هذه الحالة يجب على قادة “جمهورية الريف” التوفر دوما على قداحات “بريكي” في جيوبهم.

المشكلة الإضافية الأخرى هي أن الفيلا العتيقة بالجزائر العاصمة التي يقطن بها حاليا قادة “جمهورية الريف”، قد يتم استخدامها في مقبل الأيام لاستضافة قادة آخرين لجمهورية أخرى، ما دام زعماء الجزائر صاروا مختصين في تفريخ الجمهوريات (كم أنت ولادة يا جزائر..!) وفي هذه الحالة، قد يضطر قادة جمهورية الريف الجدد، إلى الرحيل جنوبا نحو توأمهم القديم، وهي جمهورية البوليساريو في تندوف، وقد يستبدلون فيلا العاصمة بخيمة في تندوف، لأن قادة الجزائر يملون بسرعة من كراكيزهم.

وحتى في هذه الحالة قد لا تنجح الجزائر بسهولة في إقناع قادة البوليساريو باستضافة جمهورية أخرى على تراب جمهوريتها، لأنه في هذه الحالة ينبغي اقتسام كل شيء معها، فيتقاسم الكيانان مخيما واحدا بخيمتين كبيرتين، في كل منهما رئيس جمهورية وحكومة وحاشية وسكرتيرة .. ومطبخ.

لكن المشكلة هو أن يتم جمع “جمهورية الريف” و”جمهورية البوليساريو” في خيمة واحدة.. ومطبخ مشترك..!

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )