المساء اليوم - طنجة: "المصائب لا تأتي فرادى".. هذا ما ينطبق بالضبط على البرلماني ورئيس مقاطعة بني مكادة بطنجة، محمد الحمامي، المنتمي لحزب الاستقلال، والذي ظل يجمع النقاط لسنوات طويلة، حتى وجد نفسه فجأة منهزما بالضربة القاضية. وبدأت سلسلة الفضائح المتتالية قبل بضعة أسابيع حين تم الكشف عن خروقات عقارية خطيرة في مقاطعة البرلماني الحمامي، حيث تم الكشف عن فضائح عقارية تورط فيها بشكل مباشر المدعو محمد العشيري، نائب الحمامي بالمقاطعة، والذي بنى أحياء بكاملها في المنطقة بشكل عشوائي، أو حصل على رخص من صديقه الحمامي، وهي الرخص التي يطلق عليها عادة اسم "الرخص الحمامية"، في تشبيه قريب من مصطلح السمك الفاسد. وفي الوقت الذي لا تزال تلك المخالفات العقارية تنتظر تدخلا حازما من الوالي مهيدية، الذي يفترض أن يقوم بهدم حقيقي للعشوائيات وليس بمجرد هد"هدم تكتيكي"، فإن فضيحة أخرى انفجرت مؤخرا في وجه البرلماني الاستقلالي، والمتعلقة هذه المرة بحرمان مستخدمي وأجراء شركة يملكها من حقوق التسجيل في مصلحة الضمان الاجتماعي، رغم مرور قرابة 4 سنوات على بدئهم العمل. وتشير معطيات مؤكدة أن البرلماني محمد الحمامي هو المسير للشركة المالكة ل"معهد المدارك للتعليم الخصوصي"، والتي لم يصرح بأي أستاذ أو مستخدم بها منذ قرابة 4 سنوات، علما أن المؤسسة التعليمية تشغل حوالي 70 أستاذا وأستاذة، بالإضافة إلى أطر الإدارة والحراس. ووفق مصادر مطلعة فإن عدم تصريح الحمامي بأجرائه في مصلحة الضمان الاجتماعي يعني بأن مؤسسته التعليمية لا تقوم بأي نشاط، مع أن الواقع ليس كذلك، وهو ما يضع الحمامي في معضلة قانونية حقيقية تدخل في إطار التزوير والنصب والاحتيال، وهي اتهامات ثقيلة قد تكلفه غاليا على المستوى الشخصي والمستوى السياسي والحزبي. وبالرجوع لتصاريح شركة الحمامي لدى صندوق الضمان الاجتماعي ما قبل 2020، فإن عدد الأساتذة والمستخدمين المصرح بهم لم يكن يتجاوز 18 أجيرا، مما يعني أنه كان يقدم تصاريح كاذبة، وهو ما يورط أيضا مصالح إدارة الضمان الاجتماعي التي لم تفعل أجهزتها الرقابية، بالإضافة إلى توريط مباشر لوزارة التربية الوطنية التي يدخل في صميم اختصاصاتها المراقبة المنتظمة لمؤسسات التعليم الخصوصي. غير أن عدم التصريح بمستخدمي مدرسة الحمامي ليس إلا واسطة العقد، حيث انفجرت في الوقت نفسه فضيحة موازية، وهي قيام الحمامي، بصفته رئيسا لمقاطعة بني مكادة، بالترخيص لمدرسته، الموجودة في نفس المقاطعة، حيث تقدم بطلب لنفسه للحصول على رخصة، وحصل عليها فورا بقرار من نفسه شخصيا! وحسب المعطيات التي يتوفر عليها موقع "المساء اليوم" فإن الحمامي وجه باسمه الشخصي، كمالك أوحد للشركة المسيرة لمدرسته الخصوصية "المدارك"، طلبات الحصول على رخص متعلقة باستيفاء مدرسته للشروط المعمول بها، وحصل على الموافقة من طرفه! والمثير أنه حتى في مجال بناء مدرسته الخاصة وجه الحمامي طلبا إلى نفسه وحصل على موافقة فورية بالبناء من طرف الحمامي نفسه، وهي حالة متفردة، ليس في المغرب فقط، بل قد تكون حالة غير مسبوقة في العالم كله. ومنح الحمامي لنفسه رخص بناء المدرسة والترخيص لها بالعمل وأيضا شواهد المطابقة المتعلقة بالهندسة المعمارية وانتهاء بباقي الرخص التي تعتبر من اختصاص عمدة طنجة ومهندسي الجماعة الحضرية. كما أن توقيعات الحمامي على رخصه الذاتية تخرق القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات وتتضمن تواريخ مشكوك فيها، حيث يعتقد أنه جرى توقيعها فعليا سنة 2020، علما أن التاريخ الموجود على الرخص يعود لسنة 2015، أي قبل بضعة أسابيع قليلة من الانتخابات الجماعية التي شهدت اكتساح حزب "العدالة والتنمية" لمقاطعات طنجة الأربعة، وعلى رأسها مقاطعة بني مكادة، التي حكمها الحمامي لسنوات طويلة قبل أن يزيحه عن مقعدها لفترة من الوقت الإسلامي محمد خيي. ويتساءل الرأي العام في طنجة كيف يعقل أن يقوم الحمامي بتوقيع جميع الوثائق المتعلقة بهاته المدرسة التي يمتلكها منذ سنة 2015، ويبقي هذه الرخص مخفية عنده خمس سنوات، وهو ما يزيد الشكوك حول قيام الحمامي بتوقيعها سنة 2020 وليس سنة 2015، وذلك من أجل تفادي وضعها بشكل قانوني في مسطرة الترخيص. كما يتساءل الرأي العام كيف يعقل أن يصر رئيس مقاطعة على خرق القانون والتطاول على اختصاصات عمدة المدينة دون أن يقوم هذا الأخير بالتحرك قانونيا لمواجهته، وهو ما قد يثير شكوكا حول التواطؤ معه أو التغطية على خروقاته، في ظل ضعف كبير لمؤسسة العمدية بطنجة، التي يرأسها منير ليموري، المنتمي لحزب "الأصالة والمعاصرة"، والذي يوصف بأنه أضعف عمدة على الإطلاق في تاريخ طنجة. وترتفع مطالب بالمدينة من أجل إخضاع الرخص والتوقيعات لتحاليل تقنية من قبل السلطات القضائية من أجل التأكد من تاريخ التوقيع الفعلي، مع ضرورة فتح تحقيق قضائي حول "الرخص الذاتية" التي وقعها الحمامي لنفسه من دون احترام المساطر القانونية المنظمة للتعمير ولمجال الرخص، وخارج مجال اختصاصه القانوني. وتأتي سلسلة فضائح الحمامي و غيرها في طنجة ضمن سياق عام مشوب بضعف متعدد الأوجه داخل المجالس المنتخبة التي تعتبر أسوأ مجالس في تاريخ المدينة، حيث عرفت انتخابات شتنبر 2021 حالة غير مسبوقة من "فوز" مرشحين ولوائح انتخابية ضمت أغلبية ساحقة من الانتهازيين والسماسرة في مختلف المجالات.