المساء اليوم - أ. اعديل: قبل وخلال مونديال السيدات في أستراليا ونيوزيلندا، اهتمت وسائل الإعلام الدولية باللاعبة المغربية نهيلة بنزينة، ليس لأن اسمها يشبه بنزيمة، بل فقط لأنها أول لاعبة في تاريخ مونديال النساء تحمل الحجاب، بعد قرار الفيفا بإلغاء منعه. الكثير من وسائل الإعلام الدولية تناولت الموضوع بمزيج من المهنية والسخرية المبطنة، لكنها لم تتجرأ على مهاجمته بأي شكل من الأشكال، باستثناء جيوش المعلقين، وهم غربيون في الغالب، الذين يفرغون مكبوتاتهم العنصرية من وراء أسمائهم المستعارة، وحين يكشفون عن وجوههم فإنهم يطالبون بالحريات الفردية للمثليين فقط.. لا غير. عموما فإن نهيلة لا تهتم كثيرا بما يجري حولها، وخاضت المباراتين الأوليتين من المونديال بكثير من الحماس والقتالية، ولم تحس في لحظة أن حجابها يمنعها من أداء دورها كما يجب، بل هناك من لقبها بأمرابط المنتخب النسوي. وإذا كان من شيء يمكن لنهيلة بنزينة أن تقلق بشأنه فليس هو مقالات الصحف الغربية، بل التعاليق المغربية والعربية على وسائط النميمة المجتمعية، التي تسمى وسائط التواصل الاجتماعي، وفيها صب الكثيرون عقدهم النفسية والاجتماعية على اللاعبة، ساخرين منها ومن حجابها. لم يتورع الكثيرون عن دراسة تفاصيل جسد اللاعبة وهي ترتدي سروالا تحت الشورت، وكأنهم قساوسة في محاكم التفتيش يمنحون صكوك الغفران للاعبة لها حريتها الكاملة في أن ترتدي ما تشاء، سواء داخل الملعب أو خارجه. من حق الجميع ألا يحب كرة القدم النسوية، ربما لأنها تبدو ساذجة وبدائية ومملة، لكن ليس من حق أحد مهاجمة امرأة قررت أن تلعب بسترة على الرأس وسروال صيفي تحت الشورت، فهذه أدنى درجات الحريات الفردية. كان بإمكان المنتقدين أن يتأملوا أنفسهم ويريحوا ذواتهم عوض الاهتمام بلباس لاعبة، أثبتت أنها لاعبة كرة قبل كل شيء، ولم تقل يوما أنها فقيهة أو واعظة دينية، ولو أن كل هؤلاء النمامين الاجتماعيين اهتموا بأنفسهم وأسرهم وبأشياء أخرى لكان ذلك أفيد بكثير لهم ولمجتمعهم ولدنياهم وآخرتهم.