عبد الله الدامون damounus@yahoo.com هناك حرب قذرة في المغرب، والذين سيصدمهم التعبير نكرر لهم ذلك: هناك حرب قذرة في هذه البلاد، حرب تقودها جهات منظمة ضد أخلاق المغاربة، وأيضا ضد جيوبهم وقوتهم اليومي، والهدف واضح، تحويل المغاربة إلى أشباه متسولين بفعل الارتفاع الجنوني في الأسعار، وأيضا تحويل الناس إلى مجرد أموات أحياء بلا أخلاق ولا مبادئ ولا قيم. هذه الحرب خطيرة جدا، وأهدافها أكثر خطورة، لأن جبهاتها كثيرة ومتنوعة، وفي النهاية فإن نتائجها واضحة، مغاربة من دون قدرة على مواجهة تكاليف الحياة اليومية، وهذا ما لا يدرك الكثيرون نتائجه الكارثية، وكأن هذا لا يكفي، فإن الهدف الثاني والأخطر هو سلب ما تبقى للناس من أخلاق وقيم، عبر الدفع بالطحالب والحشرات إلى الواجهة الفنية، وطمس معالم الفن الحقيقي والثقافة الأصيلة والأفكار المبدعة. منذ سنوات طويلة والإصرار قائم لتحقيق هذا الهدف المريض، لكنه يتم بالتدريج عبر تحويل الطحالب إلى نجوم والتغاضي المخجل عن كوارث "الروتين اليومي" وتحويل الأغبياء إلى مؤثرين اجتماعيين وخنق كل الأصوات والأقلام الجادة وأشياء أخرى، وها نحن وصلنا إلى القمة، قمة التفاهة، حين لم يعد القائمون على هذه الأهداف يخفون وجوههم، كما في الماضي، وأصبح تمويل سهرة حقيرة يتم فيها تمجيد الخمر والمخدرات، من المسؤولية المباشرة لوزارة الثقافة، أي من صميم مهام الحكومة. قيل الكثير في هذا الموضوع، والكثير الذي قيل هو نتيجة صدمة أكثر مما هو نتيجة تحليل رصين وهادئ، لكن في النهاية فإن النتيجة واحدة.. هناك إصرار على إضاعة هذا الشعب، وجعل الأجيال المقبلة على الخصوص، مجرد كائنات تافهة ومريضة ومفترسة.. كائنات أشبه بالأحياء الأموات الذين تمتلئ بهم شاشات السينما والتلفزيون. عندما تم الدفع بصبي إلى وزارة الثقافة فإن كثيرين تعاطفوا معه وقالوا إنه شاب قد يعطي لهذا الميدان ما لا يمكن لغيره أن يفعله، وهذا الكلام تم تطبيقه حرفيا، فلم يسبق لوزير في الثقافة أن مول سهرة حقيرة يشرب فيها المغنون النبيذ ويدخنون الحشيش على الخشبة، بتمويل مباشر من الوزارة. قد نفهم صبيانية وزير في حكومة تفقّر المغاربة لتدفع لمدمني الخمر والحشيش، لكننا نحتاج لمجهود أكبر ونحن نرى المحامي اليساري السابق، و"البامي" الحالي، عبد اللطيف وهبي، وهو يدافع عن "طوْطوة" المغرب حين طالب المغاربة بالاعتذار للمنحرفين، الذين يشترون الخمر والحشيش على حساب المغاربة ويستهلكونها على الخشبات. كنا نريد من وهبي أن ينتبه إلى "عدله" ويرى ما يزخر به من عجائب، وأن يحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه، عوض أن يمارس اللعبة السابقة لإلياس العماري بإطلاق التصريحات الغبية، وهو الذي يعرف جيدا أن حزبه ما كان يمكنه أن يكون في الحكومة بكل هذه المقاعد لولا غرفة الإنعاش التي أخرجته من الظلمات إلى النور، وسبحان من يحيي العظام وهي رميم. نكرر ما قلناه ونحذر من "طوْطوة" الأجيال المقبلة وخلق شعب من الأحياء الأموات. اللعبة خطيرة ولا أحد يتحمل تبعاتها. في الماضي كنا نريد أجيالا مستقبلية من النبغاء والمتفوقين والمدافعين عن سمعة هذا الوطن بالغالي والنفيس، واليوم لا نطلب سوى "التعادل"، نريد من أسياد "الحرب القذرة" أن يتركوا المغاربة وحالهم، ونريد فقط من زعماء "البام" على الخصوص أن يتوقفوا عن "ألْيسة" المغرب بتلك الأفكار البليدة التي كنا نعتقد أنها استوطنت بدورها الجنوب الإسباني حيث استقر صاحبها ليدير أعماله الفرعونية، والحقيقة أننا لم نكن نتصور أن يكون وهبي مجرد صبي للعماري في "البام"، يكرر مثل الببغاء نوادره وقفشاته السياسية الغريبة، ويكمل بدوره مهمة "طوْطوة" المغرب... فإذا كنتم تريدون "طوْطوة" هذه البلاد فافعلوا ذلك من جيوبكم وتوقفوا عن نهش جيوبنا مثل مفترسين بلا رحمة.