“حميدتي” تاجر الإبل الذي يحلم بحُكم السودان

المساء اليوم – هيأة التحرير:

يوصف الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم “حميدتي” بأنه لاعب رئيسي في المعادلة السياسية والاقتصادية في السودان…

فالزعيم السابق لجماعة “جنجويد” التي سحقت تمردا في دارفور أثناء حقبة الرئيس عمر البشير، كسب نفوذا متصاعدا، جعله في نهاية المطاف ثاني أقوى رجل في البلاد…

من بدايات متواضعة.. لنائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم.. وقائد لقوات شبه عسكرية تعرف باسم “قوات الدعم السريع”، وأحد أثرياء السودان…

قال عنه القيادي في الحزب الاتحادي غالب طيفور إنه “شخصية نبعت من عدم، وتحول من مجرد راعي غنم ثم تاجر إبل وأقمشة مغمور إلى رتبة عسكرية رفيعة”…

ولد في العام 1975 في قبيلة من العرب الرحّل على الحدود بين السودان وتشاد ومازال يحتفظ بلكنة أهل الغرب بشكل واضح عندما يتكلّم…

في مطلع الألفين، لم يكن “حميدتي” قد بلغ الثلاثين من عمره، وكان مجرّد زعيم ميليشيا صغيرة في غرب السودان الملاصق للحدود التشادية…

 بيد أنه تحول إلى زعيم حرب معروف بعد سنوات طويلة من الحرب في دارفور ارتُكبت خلالها “الفظاعات”…

فالرجل أدى دورا بارزا في السياسة المضطربة في السودان على مدى عشر سنوات ساعد خلالها في الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019، والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة ذات يوم…

ثم قام لاحقا بإخماد احتجاجات السودانيين الطامحين إلى الديمقراطية… ووفق ويلو بيردج، أستاذة التاريخ في جامعة نيوكاسل البريطانية، ومؤلفة كتاب “الانتفاضات المدنية في السودان الحديث”، فإنّ قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي ارتكبت فظاعات في دارفور. وأنّ تحركها بعد إطاحة البشير أثار ريبة الكثيرين، وخصوصاً المتمردين في دارفور…

ينحدر “حميدتي” من قبيلة الرزيقات ذات الأصول العربية التي تقطن إقليم دارفور غربي السودان. ونشأ في أسرة امتهنت تجارة الجمال والإبل… حمل  السلاح لأول مرة في منطقة غرب دارفور بعد أن قتل رجالا، هاجموا قافلته التجارية، نحو 60 شخصا من عائلته ونهبوا الجمال…

يستمد الكثير من نفوذه من “قوات الدعم السريع” التابعة له والتي أتقن مقاتلوها خبرة حروب الصحراء في منطقة دارفور لكنهم يفتقرون إلى انضباط الجيش النظامي… شخصية معارضة طلبت عدم نشر اسمها خوفا من تعرضها للانتقام، قالت لـ”رويترز” إن “حميدتي خطط ليصبح الرجل الأول في السودان. ولديه طموح غير محدود”…

حصل على رتبة الفريق أول العسكرية من عمر البشير.. وتم إضفاء الشرعية على ميليشياته… حيث كان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور وسط تقارير عن قيامه بالاتجار في المورد الأكثر قيمة في السودان، وهو ما جعله من أثرياء البلاد…

إذ تدير قوات الدعم السريع العديد من مناجم الذهب، بحسب مركز أبحاث “يوربيان كاونسيل أون فورين ريلايشن” (المجلس الأوروبي حول العلاقات الخارجية)…

أبدى “حميدتي” القليل من التسامح مع المعارضة.. فحسب شهود فإن “قوات الدعم السريع” شنت حملة دامية على تجمع احتجاجي في 2019 أمام وزارة الدفاع بعد الإطاحة بالبشير، مما أودى بحياة ما يزيد على مئة شخص… في 25 أكتوبر 2021، دعم حميدتي قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في انقلابه الذي أطاح بالمدنيين من السلطة…

وتحوّلت قوات الدعم السريع التي يقودها (أنشئت العام 2013)، إلى قوة رديفة للجيش تضمّ آلاف العناصر الساعين حاليا إلى السيطرة على السلطة… لكن مع مرور الوقت، بدأ ينتقد الجيش والبرهان الذي يصفه الآن بـ “المجرم” الذي “دمّر البلاد”. وبات يقدّم نفسه مدافعا عن الدولة المدنية وخصما لدودا للإسلام السياسي الداعم إجمالا للبرهان…

لتندلع مواجهة كبيرة بين الجانبين، وسط مخاوف من أن تؤدي إلى انزلاق السودان إلى صراع واسع النطاق في وقت يعاني فيه بالفعل من انهيار الاقتصاد واشتعال العنف القبلي ويمكن أيضا أن تعرقل الجهود المبذولة للمضي نحو إجراء انتخابات… فحسب “حميدتي” فإن قواته “لن تتوقف” عن القتال إلا بعد “السيطرة الكاملة” على كل مواقع الجيش…

فـ”حميدتي” متعطش لمزيد من السلطة… ساعد على الإطاحة بالبشير بعد 30 عاما في السلطة لأنه يضع الرئاسة نصب عينيه…

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )