حينما يُهدد وزير العدل بفتح الملفات..!!

عبد الله الدامون

مرت عدة أيام على انعقاد المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة في سلا، وإلى حدود اليوم لم يصدر أي رد فعل، لا رسميا ولا شعبيا ولا حزبيا، على التصريح الغريب، والخطير أيضا، للأمين العام للحزب، عبد اللطيف وهبي، بفتح ملفات أحد الأعضاء البارزين بالحزب.

ففي كلمته بالمؤتمر، بدا وهبي غاضبا جدا وهو يوجه كلامه لأحد قادة الحزب بالصحراء، وطلب منه أن يغادر الحزب “إذا لم يعجبه الحال”؛ بل لم يتردد وهبي بالتهديد بفتح ملفات هذا الرجل..  وكل ذلك موثق صوتا وصورة!

المشكلة أن وهبي ليس فقط أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة، بل هو وزير العدل، مع ما يعنيه ذلك من ثقل المسؤولية وحساسيتها، لذلك فإنه حينما يهدد بفتح ملفات شخص ما، فإن هذا ينبغي أن يثير زوبعة حقيقية، لأن معناه الواضح أن وهبي يعرف ملفات خطيرة، وبما أنه يهدد بفتحها فإنه يعرف مدى خطورتها، وفي حال لم يفتحها فإنه يتستر عليها وعلى صاحبها، مع ما يعنيه هذا من تبعات قانونية وأخلاقية.

في الحقيقة لا نعرف ما نقول أمام هذا الخليط العجيب من التناقضات، ففي أقل الأحوال كان يجب على (مناضلي) الأصالة والمعاصرة أن يطالبوا أمينهم العام بإطلاعهم على الملفات التي يهدد بفتحها، فهم في البداية والنهاية (مناضلون) في الحزب ولا ينبغي أن يظلوا في “دار غفلون”، وفي حال عدم فتحها من طرف وهبي كأمين عام للحزب فيجب فتحها من طرف النيابة العامة، لأنه من الخطير أن يتحدث وزير العدل عن ملفات أمام كل المغاربة من دون أن يعرف أحد طبيعتها، مع أن لهجة وهبي كانت تشي بأن الأمر يتعلق بشيء خطير.

كما أن القانون واضح جدا في هذا المجال، حيث أن التهديد بفتح الملفات مع عدم فتحها اسمه التستر على مجرم، وهذا في حد ذاته جرم لا غبار عليه، كما أن فتحها للبعض واستثناء الآخرين هو تمييز بين المواطنين، علما أن تهديد وهبي كان في لقاء “عمومي” مصور ومتاح لجميع المغاربة.

إن عدم فتح الملفات التي تحدث عنها وهبي تغييب لدولة الحق والقانون التي ينبغي أن يسود فيها القانون بدل الأشخاص، كما أن تصرفات كهذه عبر التهديد بفتح ملفات دون فتحها يمكن أن تصدر عن شخص أُمي وجاهل وليس من رجل قانون يمارس مهنة المحاماة منذ عقود، وفوق هذا هو وزير العدل..!

نعرف كيف تسير الأمور في هذه البلاد، ففي النهاية لن يتم فتح أي شيء، وستبقى الأمور كما هي عليه، وربما نرى في مؤتمر لاحق لحزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي وهو يعانق صاحب الملفات ويصفه بالرجل العظيم والصديق الحميم.

إنه المغرب يا سادة..!

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )