المساء اليوم – متابعة: يسيطر قلق واسع بعد هروب العشرات من عناصر (تنظيم الدولة الإسلامية) "داعش" المحتجزين في سجن غويران بالحسكة في سوريا، الذي يُعتبر واحداً من أكبر السجون التي تضم محتجزين من التنظيم في العالم، العشرات من عناصر داعش باتوا طلقاء الأمر الذي أثار قلقاً واسعاً داخل الأوساط الإقليمية والدولية، مع احتمال فتح ما أسموه "بوابة جحيم داعش مرة أخرى". وحسب الباحث في معهد "نيولاينز" في واشنطن، نيكولاس هيراس، فإن "تنظيم الدولة الإسلامية يحتاج إلى مزيد من المقاتلين والهروب من السجن يمثل أفضل فرصة لداعش لاستعادة قوته وسلاحه، وسجن الغويران صيد ثمين بسبب اكتظاظه". خصوصاً وأن التنظيم لجأ إلى أساليب حرب العصابات منذ فقد السيطرة على آخر قطعة من الأرض كانت تحت سيطرته في سوريا في 2019. بدأت القصة الخميس الماضي بفرار عدد كبير من عناصر (داعش) المحتجزين في سجن غويران بالحسكة في سوريا، حصل الفرار بعد عملية هروب وتفجير سيارة خارج السجن، تبعتها اشتباكات. سجن غويران يضم نحو خمسين جنسية، وتحتفظ قوات سوريا الديمقراطية الكردية (قسد) بأعداد كبيرة من هؤلاء المقاتلين هناك منذ أن تم القضاء على التنظيم عسكرياً عام 2017، ويتوسط سجن الحسكة أو غويران مناطق سكنية في الحسكة ويقع في أطراف حي غويران عند المدخل الجنوبي لمدينة الحسكة وهو ما ساعد العناصر على الانضمام إلى الخلايا التي تمركزت في المناطق السكنية. ووفق بيانات القوات الكردية فإن لديها حوالي 10 آلاف من مقاتلي التنظيم في مراكز اعتقال (ديرك وجركين والحسكة-غويران)، وحاولت "قسد" بعد عملية فرار الخميس، الحد من تمدد المعارك نحو وسط المدينة وريفها القريب، ومنع هجومٍ جديدٍ لخلايا التنظيم على السجن في محاولة لفرار المزيد من العناصر، ونشرت حواجزاً عسكرية داخل الأحياء المحيطة بمنطقة السجن وعلى الطريق المؤدية إلى الريف، لكنها لم تنجح في احتواء الموقف ما دفعها لطلب المساعدة من طيران التحالف، لتعلن لاحقاً أنها سيطرت على السجن إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن السجن لايزال تحت سيطرة داعش. العملية التي قام بها (داعش) الخميس الماضي وأسفرت عن فرار عناصره، كانت منظمة وتُعتبر الأعنف منذ عام 2019، حيث أربكت "قسد" إذ ترافقت مع عمليات انتحارية، كما أن السجناء في الداخل كانوا مستعدين، فهاجموا حامية السجن واستولوا على ما أمكن من الأسلحة، بينما فرّ بعضهم إلى المناطق المجاورة ليتحول السجن إلى نقطة عمليات للتنظيم. الأمر الآخر الذي يوضح أن العملية كان مخطط لها بدقة، هي أن قناصين يتبعون لتنظيم "الدولة الإسلامية" تمركزوا ضمن مبنى قيد الإنشاء جانب السجن، وهو مبنى من المتوقع أن يكون سجن لعناصر التنظيم، بدأ العمل عليه بدعم أجنبي منذ نحو سنة، وهذا ما يشي بمدى تنظيم العملية ما بين الخلايا النائمة للتنظيم في الخارج وعناصر الداخل. وهذا ما أكده شيخموس أحمد رئيس "مكتب النازحين واللاجئين" في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أن ما حدث في سجن غويران مخطط له منذ أكثر من سبعة أشهر، مؤكداً أن هناك ترابطاً بين الأحداث التي تحدث في مخيم الهول منذ بداية العام من اعتداء على النازحين والقطاع الصحي التابع للمنظمات الإنسانية وما حدث في سجن غويران. حصيلة اشتباكات الأيام الأخيرة تجاوزت 130 قتيلاً بينهم مدنيون، إلا أن المرصد السوريّ أكد أن العدد أكبر من هذا، بسبب وجود العشرات الذين لم يعرف مصيرهم حتى الآن بالإضافة إلى وجود عدد كبير من الجرحى حالتهم خطيرة. وحاولت قوات سوريا الديمقراطية بدعمٍ من قوات أميركية، أمس الأحد، احتواء هذا الهجوم المتواصل لليوم الرابع، من خلال تشديد حصارها على السجن بعد سيطرة النزلاء على منشأته، ما أدى إلى سقوط 17 من أفرادها قتلى في أسوأ شغب في مراكز الاحتجاز التي تضم بين جدرانها آلافاً من المشتبه في انتمائهم إلى المتطرفين والذين أُلقي القبض عليهم بعد هزيمتهم بدعم أميركي في شمال سوريا وشرقها. فيما أكدت وزارة الدفاع الأميركية أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة نفّذ ضربات جوية دعماً لـ"قسد" في سعيها لإنهاء التمرد داخل السجن. وقالت شخصيات من العشائر العربية على اتصال بسكان المنطقة إن قوات التحالف سيطرت على مواقع حول السجن وإن طائرات شوهدت تحلق في سماء المنطقة. وقالت منظمة (هيومن رايتس ووتش)، إن قوات سوريا الديمقراطية تحتجز نحو 12 ألفاً من الرجال والصبية الذين يُشتبه بانتمائهم إلى "داعش" بينهم ما بين 2000 و4000 أجنبي من نحو 50 دولة، مشيرةً إلى أن النزلاء محتجزون في سجون مزدحمة الأوضاع فيها غير إنسانية في كثير من الحالات. وتقول منظمات مدنية إن آلافاً غيرهم محتجزون في مراكز سرية ينتشر فيها التعذيب، وفيما تنفي القوات الكردية السورية هذه الاتهامات، تقول قيادات محلية إن "التأييد تنامى لـ(داعش)، وذلك مع تزايد الاستياء المحلي من سيطرة الأكراد على حكم المنطقة".