دافقير يكتب: هل تجاهل الملك مطالب جيل z؟

المساء اليوم

قدم يونس دافقير، الصحافي والمحلل السياسي، قراءة لخطاب الملك محمد السادس، أمس الجمعة (10 أكتوبر)، في افتتاح السنة التشريعية الجديدة للبرلمان.

 

وانطلق دافقير في تدوينة مطولة له من الإجابة عن

سؤال “هل تجاهل الملك مطالب جيل z؟”، معتبرا أنه

“بالعكس، جميع مقاطع خطاب الملك في افتتاح البرلمان فيها حوار مع الشباب وجواب على مطالبه”.

 

وقال دافقير إن “الملك لا يتجاهل بل ينصت للنبض، وفي المجتمع ليس هناك نبض واحد فقط، وظيفة الملك هي البحث عن تسويات واقعية، وهو في ذلك، وفي عز التوترات، يخاطب الأمة، الشعب، المؤسسات، المواطنين، جمهور المؤمنين، لكنه لا يخاطب الحركات الاحتجاجية المبنية للمجهول ولا الشارع”، مسجلا أن البعض يعتقد أنه يعيش “زمن الثورة”، بينما يعيده الخطاب الى “زمن الدولة”.

 

ومع ذلك -يضيف دافقير- “في الخطاب غير المباشر خطاب مباشر، وفي التجاهل موقف وجواب، لقد كان رهان الحركة الاحتجاجية على الملك رهانا على التحكيم، التحكيم بين جيل وحكومة، بين وضعية وانتظارات، بين مطالب وقرارات، وما جاء في ثنايا الخطاب يمكن اعتباره “قرارا تحكيميا”

 

وأوضح أنه “ليست هذه هي المرة الأولى التي يلعب فيها خطاب ملكي “دور التحكيم”، صيف 2022 وفي أجواء التوتر الاجتماعي بسبب انفجار موجة الغلاء، قام الملك بتحليل منصف: أشار إلى الظروف الدولية والمناخية القاهرة، ودعا الحكومة الى جهد اكبر في تموين السوق ومحاربة المضاربة في الأسواق”.

 

ورأى أن “هذا نوع آخر من الخطب الملكية، وكما قلت سابقا، إن من وظائف الحكم الإنصاف، ومن أخلاق وشروط طلب التحكيم القبول بالجواب”.

 

واستدرك بالقول “ما عدا إن كانت مطالب الشباب تدخل في ما يسميه القانون المدني ب “عقود الإذعان” التي عليك قبولها كلها او رفضها كلها، وهذا مستحيل كي لانقول سذاجة او عصيان، فإن تجارب الحوار والتفاوض حول المطالب في كل العوالم والأزمنة، هي تجارب أخذ ورد، تنازل هنا ومكسب هناك، لا أحد يحصل على كل ما يرغب فيه”.

 

وأشار إلى أن “الأصول المطلبية الأولى، بدأت بالتعليم والصحة، ثم الى الشغل والعدالة المجالية، واولوية الملف الاجتماعي على بناء الملاعب وتنظيم كأس العالم..

الى المطالبة بإسقاط الحكومة”.

 

وفي المطالب الاجتماعية – يؤكد دافقير – ينتصر الخطاب لجيل z وفي المطلب السياسي ينتصر للخيار الديمقراطي واستقرار المؤسسات، وما بينهما يقدم دروسا بيداغوجية:

 

أولا، الأجوبة على المطالب المباشرة(الصحة الشغل التعليم، التنمية ..) أجاب عنها كما يلي: 

 

_ لا ينبغي أن يكون هناك تناقض أو تنافس بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج الاجتماعية، ما دام الهدف هو تنمية البلاد وتحسين ظروف عيش

المواطنين، أينما كانوا.

 

_ دعونا في خطاب العرش الأخير إلى تسريع مسيرة المغرب الصاعد، وإطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية. وهي من القضايا الكبرى التي تتجاوز الزمن

الحكومي والبرلماني.

 

_ بلادنا تفتح الباب، من خلال الديناميات التي أطلقناها، أمام تحقيق عدالة اجتماعية ومجالية أكبر، بما يضمن استفادة الجميع من ثمار النمو، وتكافؤ الفرص بين أبناء المغرب الموحد في مختلف الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.

 

_ نعتبر أن مستوى التنمية المحلية هو المرآة الصادقة التي تعكس مدى تقدم المغرب الصاعد والمتضامن، الذي نعمل جميعًا على ترسيخ مكانته.

 

_ ننتظر وتيرة أسرع وأثراً أقوى من الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية، التي وجهنا الحكومة إلى إعدادها، وذلك في إطار علاقة رابح – رابح بين المجالات الحضرية والقروية.

ويتعلق الأمر، على الخصوص، بالقضايا الرئيسية ذات الأولوية التي حددناها، وعلى رأسها:

 

تشجيع المبادرات المحلية والأنشطة الاقتصادية، وتوفير فرص الشغل للشباب، والنهوض بقطاعات التعليم والصحة، وتأهيل المجال الترابي.

 

_ إعطاء عناية خاصة للمناطق الأكثر هشاشة، بما يراعي خصوصياتها وطبيعة حاجياتها، وخاصة مناطق الجبال

والواحات.فلا يمكن تحقيق تنمية ترابية منسجمة بدون تكامل وتضامن فعلي بين المناطق والجهات.

 

_أصبح من الضروري إعادة النظر في تنمية المناطق الجبلية، التي تغطي 30 في المئة من التراب الوطني، وتمكينها من سياسة عمومية مندمجة تراعي خصوصياتها ومؤهلاتها الكثيرة.

_ التفعيل الأمثل والجدي لآليات التنمية المستدامة للسواحل.

 

_ توسيع نطاق المراكز القروية، باعتبارها فضاءات ملائمة لتدبير التوسع الحضري، والحد من آثاره السلبية، على أن تشكل هذه المراكز الناشئة حلقة فعالة في تقريب الخدمات الإدارية والاجتماعية والاقتصادية من المواطنين في العالم القروي.

 

_ السنة التي نحن مقبلون عليها حافلة بالمشاريع والتحديات.

 

ثانيا، الجواب السياسي على إقالة الحكومة:

 

وفي هذا الإطار، أكد دافقير أن الخطاب لم يترك المتلقي ينتظر كثيرا للحصول على جواب بهذا الخصوص، منذ الثلاث فقرات الأولى يحسم الأمر من خلال عبارات اختيرت بعناية في مخاطبة البرلمان الذي يفترض حل غرفته الأولى في حال قبول طلب إسقاط الحكومة:

 

_ التعبير لكم عن تقديرنا للعمل الذي تقومون به، سواء في مجال التشريع ومراقبة العمل الحكومي، أو في تقييم السياسات العمومية.

 

_ الإشادة بالجهود المبذولة للارتقاء بالدبلوماسية الحزبية والبرلمانية، في خدمة القضايا العليا للبلاد، داعين إلى المزيد من الاجتهاد والفعالية، في إطار من التعاون والتكامل مع الدبلوماسية الرسمية.

 

_ ولأنها السنة الأخيرة بالنسبة لأعضاء مجلس النواب، ندعوكم إلى تكريسها للعمل بروح المسؤولية، لاستكمال المخططات التشريعية، وتنفيذ البرامج والمشاريع المفتوحة، والتحلي باليقظة والالتزام في الدفاع عن قضايا الوطن والمواطنين.

 

واضح ان الملك حسم الموقف لصالح استكمال الحكومة لولايتها، ليس ذلك مستغربا، منذ توليه العرش حرص محمد السادس على انتظام موعد الانتخابات، ولم يسبق له أن أعفى أحد وزرائه الأولين بموجب دستور 1996 ولا رؤساء الحكومة بموجب دستور 2011.

 

في الواقع انتصر الملك دائما لشرعية صناديق الاقتراع، عباس الفاسي غادر الوزارة الأولى لان هناك انتخابات سابقة لأوانها فرضها وضع دستور جديد، وبعد زلزال الحسيمة توقع كثيرون ان يحل الملك البرلمان او حتى يعلن حالة الاستثناء في صيف 2017، لكنه التزم بشرعية صناديق انتخابات 2016.

 

ثالثا، دروس بيداغوجية للشباب :

 

ويستخلص دافقير في هذا الإطار، أن الدرس البياغوجي الأول هو ان المؤسسات التي تنتج عن صناديق الاقتراع لاتسقط الا بصنادبق الاقتراع؟ فالانتخابات والمشاركة الديمقراطية هي الطريق الوحيد لربط المسؤولية السيايية بالمحاسبة الشعبية.

 

_ درس في مناهضة الشعبوبة من خلال التأكيد على أنه “لا ينبغي أن يكون هناك تناقض أو تنافس بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج الاجتماعية، ما دام الهدف هو تنمية البلاد وتحسين ظروف عيش

المواطنين، أينما كانوا”.

 

_ درس في الوعي العمومي المبكر والمستدام بالمعضلة الاجتماعية من خلال ذكر أن ” العدالة الاجتماعية ومحاربة الفوارق المجالية ليست مجرد شعار فارغ، أو أولوية مرحلية قد تتراجع أهميتها حسب الظروف، وإنما نعتبرها توجهاً استراتيجياً يجب على جميع الفاعلين الالتزام به، ورهاناً مصيرياً ينبغي أن يحكم مختلف سياساتنا التنموية”.

 

_ المغرب ليس “دولة فاشلة” ولا “في طريقه للهاوية” بل نحن في “المغرب الصاعد نحو تحقيق العدالة الاجتماعية

والمجالية”، والشباب معني بهذا المجهود الذي ” يتطلب اليوم تعبئة جميع الطاقات”.

 

وانتهى إلى أن هناك فرقا بين الزمن الاحتجاجي والزمن التنموي، و ليس هناك أثر فوري للسياسات والبرامج، التنمية لا تنجز في الكوكوت مينوت، بل تتطلب صبرا وزمنا، كما انها ليست مسؤولية حكومة واحدة، يظهر ذلك بوضوح في إشارة الخطاب إلى “إطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية. وهي من القضايا الكبرى التي تتجاوز الزمن الحكومي والبرلماني”.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )