رسائل ريان.. وقد استشهد في رحم جبل

عبد الله أبو عوض 

ليس غريبا أن يتساءل كل واحد عن هذا الزخم الذي أحدثه ريان الطفل المغربي من بقعة جغرافية نائية اسمها (تمروت) في أقصى شمال المغرب، إذ ما السر في أن يكون هذا الطفل سمفونية مشاعر صادقة تتحدث بلغة الإنسانية وبلغة وحدة أمة ترتبط بالنسب واللغة والدين؟.

فالجواب يصعب تحديد معالمه في سطور أو صفحات، لأن ترجمة حدث سقوط ريان في الجب، هو تعبير عن لغة العطش المتجذر في ظمأ الشعوب العربية والإسلامية، وحتى بلغة الإنسان كإنسان، إلى معاني الرحمة والتعايش والتآخي، فواقع الحروب ونكبة النفوس في الأزمات التي يعرفها العالم، جعلت من الإنسان كتلة من الحجر لا يعرف من الحياة سوى لغة النتائج، ولو اختلفت مسبباتها، فالجهد في صناعة الهدف، أسقط وسائل الوصول إليه بما هو أخلاقي، ليكون تأليه الموجودات فعل يقيني مترسخ بقناعة الجمود.

رسائل  ريان، هي نبضات روحه البريئة في ظلمة موحشة بين التراب، دقات قلبه الدافىء بالأمل، جعل التفكير فيه من كل واحد فقد طعم الحياة، نافذة للأمل.

ريان عرى واقع تضامننا التكنولوجي، لتطفو حقيقة مواقع الفطريات الإلكترونية البئيسة والتافهة. وأعاد لغة المسؤولية المناطة على عاتق المهنيين والشرفاء والغيورين على هذا البلد، ليضعوا بجدية، ترتيبات جادة وفاعلة حول دور الإعلام كرسالة حضارية فاعلة.

في تعليقات بعض المواقع قال المطبل الجشع بالحرف (هناك الآلاف جاؤوا من أجل ريان، ولا أحد فيهم سكران..) ما علاقةالسكر بالموضوع؟.

ريان جعل الله تعالى فيه سر التكافل والتآزر والتضامن الأممي بين الشعوب العربية والإسلامية والإنسانية، فقد دمّر تريليونات من الدولارات التي سخرت لترسيخ ثقافة التجزيء وصدام الحضارات، حسب تعبيرهم.

ريان سطر بمداد من ذهب معنى السيادة لوطنه في ترسيخ الثقة بين مؤسسات الدولة والشعب، وبين الدولة في رفض أي وجه من أوجه المساعدات الخارجية التي عرضت عليها، فشكرا لكل الدول التي بادرت إلى مد يد العون.

ليس بالغريب عن همة الاستيقاظ التي تنبع في فطرية المغاربة، عندما يقررون العمل بإخلاص، أن يكون العنوان العريض في المنابر الإعلامية العالمية المحترمة (المغرب ينقل جبلا من مكانه لإنقاذ ابنه).

هي في موازنة المعادلات الدولية، لغة الكبار وإيقاظ سبات الحضارة وجذور التاريخ، فريان في براءة روحه والنفس الذي استأنس بوحشة التربة، أعطى رسالة مدعومة من رحمة السماء، أن بناء الإنسان هو الأساس، وأن خراب العمران، هو غياب الإعمار النفسي والعقلي والروحي.

إن العوالم التي يعيشها الإنسان في مجملها خمس محطات، عالم الأرحام وعالم الدنيا، وعالم التربة (القبر)، وعالم البعث، وعالم المآل، أما أنت صغيري فعلمتنا أن نستشعر العيش بعد عالم الأرحام وعالم الدنيا وعالم التربة (كحياة) لنتعظ في بناء عالم الدنيا كبناء ووسيلة لعالم التربة كفناء.

مات ريان شهيدا  فأيقظ أمة، على أمل أن تنهظ من براثين سباتها المتعجرف في وحل الاستهلاكارتقى ليطل علينا منضياء القمر كعصفور في الجنة ببسمة عريضة ليقول لنا ( هذه روحي فداكم، أتمنى أن تتعلموا الدرسدرس أننا أمةواحدة، لا ينقصنا شيء ونكمل بعضنا بعض، يجمعنا الدين وتجمعنا اللغة وتقومنا المبادئ الإنسانية.

 فالله تعالى نسأل أن ينزل غيث رحماته وبركاته، على كل فطرة لباسها الصفاء.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 1 )

  1. رحمة الله عليه

    0