رغم إنقاذه أرواحا.. شرطي إسباني من أصل مغربي يُحرم من وسام الشجاعة

المساء اليوم – متابعات

 

ثماني سنوات مرت على الحادث الذي كاد يكلّف الشرطي الإسباني من أصل مغربي، إسماعيل درداي، حياته أثناء أدئه الواجب المهني، دون أن يحصل إلى اليوم على الاعتراف الرسمي الذي وُعِد به من وزارة الداخلية الإسبانية، في واحدة من أكثر القصص المؤلمة التي أثارت الجدل داخل صفوف الأمن الوطني الإسباني بمدينة سبتة المحتلة.

 

الشرطي المتقاعد، الذي كان يعمل ضمن الوحدات الميدانية للأمن، سقط يوم 8 نوفمبر 2017 من ارتفاع يفوق 15 مترا أثناء مطاردته لأحد اللصوص على سطح مدرسة بسبتة، ليُنقل في حالة حرجة إلى قسم الإنعاش، بعد أن نجا من موت محقق بفضل ” الحظ واللياقة البدنية”، حسب روايته.

 

من بطل في الميدان إلى منسي في الإدارة

 

رغم خطورة إصابته وإقرار الأطباء بعجزه الكلي عن العمل، فإن ما تلا الحادث شكّل صدمة مضاعفة، حين تَقرّر حرمان درداي من وسام الشرف الأحمر، الذي كان موعودا به تقديرا لشجاعته.

 

فبعد أن تلقّى الدعوة الرسمية لحضور احتفال “يوم الشرطة” سنة 2018 إلى جانب أسرته، تم إبلاغه قبل يومين فقط من الموعد بأن اسمه حُذف من قائمة المكرّمين “دون تفسير”.

IMG 20251109 WA0060

وقال درداي في حوار مع الصحيفة السبتاوية “ألفارو “: “كنت مستعدا لحضور الحفل الرسمي بعد أن أُبلغت بأنني سأُكرَّم، لكن قبل يومين فقط أبلغتني النقابة بأن اسمي لم يعد ضمن اللائحة. لم يقدم لي أحد أي سبب إلى اليوم”.

 

وتأسف قائلا: “لو أنني توفيت في تلك العملية، لمنحوني الوسام بعد موتي… لكن يبدو أن النجاة لم تكن في صالحي”.

 

دعم نقابي واسع وصمت رسمي

 

رغم الإجماع النقابي على أحقية درداي بالتكريم، تواصل وزارة الداخلية الإسبانية تجاهل قضيته. فقد منحه الاتحاد النقابي للشرطة (SUP) سنة 2019 جائزة “خيرالديو”، وهي أعلى تكريم تمنحه النقابة، كما ساندته نقابات أخرى، إلى جانب دعم علني من اتحاد العمال العام وجمعية الحرس المدني.

 

غير أن المديرية العامة للشرطة لم تُصدر أي قرار رسمي، تاركة ملفه مفتوحا رغم أن القانون يسمح بتدارك مثل هذه الحالات في أجل أقصاه عشر سنوات، أي إلى حدود 2027.

 

اتهامات بـ“تمييز مؤسسي”

 

قضية إسماعيل درداي أثارت أيضا نقاشا حساسا داخل الأوساط الإسبانية حول احتمال وجود تمييز مؤسسي داخل الشرطة.

بعض الأصوات، خصوصاً من أصول مغربية، اعتبرت أن حرمانه من الوسام رغم توافر الشروط القانونية قد يكون مرتبطا بعوامل “غير مهنية”، في حين فضّل آخرون تفسيرها بـ”خلل إداري أو قرار شخصي من مسؤول رفيع”.

 

تعليق نشره أحد زملائه السابقين جاء ليُجسد هذا الشعور: “هناك من نال الأوسمة دون أن يعرّض حياته للخطر، بينما رجل خاطر بكل شيء من أجل الواجب لم يُكرَّم، فقط لأنه لا ينتمي إلى دوائر النفوذ داخل الجهاز”.

 

إصرار على الإنصاف رغم الاعتزال

 

اليوم، وبعد مرور ثماني سنوات على الحادث، يعيش إسماعيل درداي تقاعدا مبكرا بسبب إصاباته الدائمة، لكنه ما زال يواصل المطالبة بحقه الرمزي في التكريم.

 

يقول درداي: «د”أنا فخور بما فعلت، ولم أندم لحظة على المخاطرة بحياتي من أجل مواطن محتاج للمساعدة… أريد فقط أن يُعترف لي بما أنجزته، ليس أكثر”.

 

قصة الشرطي درداي، الذي وُلد في المغرب وكرّس حياته المهنية في سبتة المحتلة، تحولت إلى رمز لمعاناة عناصر الأمن الإسبان من أصل مغربي، الذين يؤدون واجبهم بإخلاص ويصطدمون أحيانا بجدار البيروقراطية أو التمييز غير المعلن.

 

ويقول متتبعون للشأن المحلي في المدينة إن “الاعتراف ببطولة درداي ليس مجرد إنصاف فردي، بل خطوة ضرورية لتكريم قيم الشجاعة والإنسانية التي تجمع بين الضفتين”.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )