المساء اليوم - طنجة: أمر والي طنجة، محمد مهيدية، مؤخرا بهدم عشرات المنازل "العشوائية" في منطقة شراقة جنوب المدينة، وهو الهدم الذي خلف غضبا كبيرا بين أصحاب المنازل، لكنه خلق تساؤلات أكبر بين السكان حول المعايير المزدوجة التي تعتمدها السلطات إزاء السكن العشوائي. وبدأ بناء هذه المنازل "العشوائية" قبل عدة سنوات، وكل ذلك حدث أمام عيون أعوان السلطة في منطقة شراقة، وعلى رأسهم قائد المنطقة، الذي لم يحرك ساكنا، بل إن السكان الذين هدمت منازلهم يوجهون اتهامات خطيرة لأعوان السلطة، ولا يعرف إن كانت ولاية طنجة والجهات المعنية ستفتح تحقيقا بخصوص هذه الاتهامات. ويبدو والي طنجة، محمد مهيدية، في وضع جد محرج أمام هذا الالتباس الكبير في سلوكيات السلطة، خصوصا وأن الوالي كان على شفا مغادرة المدينة في ظل تغييرات كانت متوقعة في صفوف الولاة، لكنه يطمح حاليا إلى البقاء في طنجة لسنوات أخرى وسط بلبلة حقيقية بخصوص القوة الرهيبة التي يحظى بها أباطرة التجزئات "السرية" والسكن "العشوائي". ومن خلال مشاهد الهدم التي عرفتها منطقة شراقة، فإن المنازل المهدمة من طرف جرافات السلطة لا يبدو أنها عشوائية جدا، حيث بنيت بتصميم مقبول، وفي الغالب بكاراج وطابق أو طابقين، وبعضها بتصميم هندسي جميل، وهذا يعني أن أصحابها صرفوا في بنائها الكثير من المال لأنهم كانوا واثقين بأنهم لا يقومون بعمل مخالف للقانون، وقد يكونون تلقوا ضمانات بذلك، كما أن أغلب المنازل التي تم هدمها كان يسكنها أصحابها. وفي الوقت الذي أمر مهيدية بهم منازل شراقة، فإن الرأي العام في المدينة يتساءل متى سيصدر الوالي أوامر الهدم في مناطق أخرى تعرف استفحالا خطيرا للبناء العشوائي، من بينها منطقة "بدريون" في جماعة كزناية، حيث توجد تجزئة عشوائية كبيرة قرب السوق الجديد للسمك"، والتي ابتدأ بناؤها في وقت شبه متزامن مع تولي الوالي مهيدية لمهامه بطنجة، واستمر بناؤها لسنوات من دون أن تلحظها عيون السلطات. وتقول مصادر مطلعة إن هذه التجزئة في ملكية منتخب كبير وعدد من نوابه، وأن أصحابها ينتظرون حلا عبر "تسوية الوضعية" وإمداد التجزئة (السرية) بالماء والكهرباء والطرقات وشبكة الصرف الصحي، وفي حال حدوث ذلك فإن طنجة تكون قد دخلت فعليا فتنة اجتماعية حقيقية تتمثل في هدم منازل يسكنها أصحابها بحجة أنها عشوائية، والعفو عن عشوائيات أخرى يمتلك أصحابها نفوذا كبيرا.