ساحة أم مقبرة!؟.. الوالي التازي يحوًل حياة الطنجاويين إلى صدمات متلاحقة

المساء اليوم – أ. فلاح:

يقولون في طنجة إن الحكومة يجب أن تتقدم إلى اليونسكو بطلب تسجيل نوع جديد من الزليج باسم المغرب، وهذا الزليج سيحمل اسم “الزليج المهرّسْ””, أو “الزليج التازي”.

ويحمل الزليج الجديد هذا الإسم بعد “الانتهاء” من تهيئة ساحة فارو، المعروفة شعبيا باسم “سور المعكازين”، وهي التهيئة التي خلفت موجة عارمة من السخرية، بطنجة وبالمغرب عموما.

كما أن الساحة ظهرت بها ما يشبه القبور، مما جعل السكان يعتقدون أن مهندسي هذا التصميم هم أنفسهم الذين درسوا عن بعد خلال فترة “كورونا”.

وعلى الرغم من أن سلطات طنجة بادرت إلى  الاعتراف بأن عملية تهيئة الساحة لم تنته بعد، إلا أن السكان يعتقدون أن سلطات طنجة تكذب، وأنها خرجت ببيان “الأشغال المؤقتة” لأن عملية الإصلاح كانت في الأصل فضيحة كبيرة.

ويبدو أن طنجة، في عهد واليها يونس التازي، تخرج من فضيحة لكي تدخل في أخرى، ولا يتمتع السكان بفترة راحة بيولوجية لالتقاط أنفاسهم.

وقبل تفجر فضيحة “سور المعكازين”، كان الطنجاويون منشغلون بفضيحة أخرى وهي الأشغال التي تعرفها عدد من مناطق طنجة، بينها شوارع رئيسية، والتي حولت المدينة إلى ركام من الحجارة والغبار، حيث حفرت الشركات المكلفة بالأشغال كل الشوارع بحماس حربي، ثم سارت الأشغال بعد ذلك سير السلحفاة، ولا تزال الأوضاع كارثية في مناطق كثيرة بالمدينة.

كما أن سلطات طنجة، المشرفة على الأشغال، تعاملت مع السكان باحتقار ولم تخبرهم بتاريخ نهاية الأشغال أو الشركات المكلفة بذلك، بل حتى الميزانية المرصودة لهذه الأشغال حولتها ولاية طنجة إلى سر من أسرار الدولة..!

ويبدو أن ولاية طنجة صارت تنهج خطة “كم فضيحة نسيناها بتركها”، لأن السكان يتعرضون لوابل من القصف من رشاش عملاق اسمه “رشاش الفضائح”، وكل فضيحة تنسيهم الفضيحة السابقة.

ولم يحدث خلال تاريخ طنجة، الحديث والقديم، أن عانت المدينة من كل هذا العبث، وهو ما يجعل السكان يعتقدون أن هناك نية مبينة من جهات ما للانتقام من المدينة، غير أن هذا الاعتقاد قد لا يستند على أسس ملموسة، وأنه ناتج فقط عن الإحباط والغضب.

ومما يزيد الأمور استفحالا هو أن والي المدينة، يونس التازي، الذي عُيًن في المدينة بعد بضع سنوات قضاها عاملا في تطوان،  قد لا يكون اختياره لهذا المنصب مناسبا، خصوصا وأن الكثيرين كانوا ينتظرون تغييره خلال فترة تعيين وتغيير عدد من رجال السلطة قبل بضعة أسابيع.

غير أن أحلام الطنجاويين بتغيير الوالي ذهبت أدراج الرياح، ومقابل ذلك بلعوا خيبتهم وصاروا يُمنًون النفس بأيام أفضل، غير أن ما كان ينتظرهم هي الأيام السوداء.

ويستغرب الطنجاويون مما يعتبرونه “ضعف شخصية” السلطات في المدينة، التي تقول الشيء ونقيضه في وقت واحد، بينما يفترض أن تكون السلطة حازمة وصريحة و”لا تدخل وتخرج فالهضرة” وكأنها تكذب، لأنه كان يفترض أن تعلن ولاية طنجة أن الأشغال غبر منتهية قبل افتتاح الساحة، وليس بعد الصدمة.

ووفق تفسير منسوب لولاية طنجة، فإن الأشغال لم تنته بساحة “سور المعكازين”، وأنه تم افتتاحها مؤقتا خلال العيد للسماح للناس بالمرور، وأيضا للسماح للعمال بتمضية عطلة العيد في مدنهم وقراهم.

غير أن هذا التفسير يحمل دلالات خطيرة، لأن سلطات طنجة تعترف رسميا بتبذير المال العام، لأن ترميم الساحة بدا مكتملا، وتم صرف أموال كثيرة في عمل به عيوب خطيرة ومخجلة، بما في ذلك الزليج المكسور والرداءة في الأشغال إلى درجة أن الساحة بدت وسخة في الأيام الأولى لافتتاحها.

وعندما قالت مصالح ولاية التازي أن الأشغال غير منتهية، فيعني أنه سيتم صرف المزيد من المال العام لمعالجة الأخطاء الكارثية بالساحة،  كما أن ذلك اعتراف صريح بأنه لم تكن مراقبة للأشغال، وهو سلوك خطير يفترض أن تحاسب عليه السلطات.

والمثير أنه في قلب هذه الفضيحة الجديدة، لوحظ تحرك خجول لبعض جحافل الذباب الإلكتروني لامتداح عمل السلطات، وهو ما خلف سخطا إضافيا بين السكان، على اعتبار أن المفترض هو أن يقوم مسؤولو المدينة بعقد ندوة صحافية للاعتذار السكان وتفسير ما جرى.

وحتى الآن فإن تفاعلات هذه الفضيحة الجديدة مستمرة، في مدينة صارت تعيش خلال السنتين الأخيرتين واحدة من أحلك فترات تاريخها.

وفي ظل هذه السوداوية، يأمل سكان طنجة من الوالي التازي أن يُقلّل إلى الحد الأدنى لقاءاته وعشاءاته بالملقب “مُول الصبًاط”، أي عمدة طنجة، حتى لا يصاب بالعدوى، ومن بين أبرز علامات هذه العدوى السفر كثيرا في وقت تغرق فيه المدينة التي حصلت مؤخرا على أضعف تقييم من طرف لجان الفيفا، في وقت يتخوف فيه السكان من أن تخرج مدينتهم نهائيا من لائحة المدن المستضيفة لمباريات المونديال، في حال استمر هذا العبث.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )