على مكتب سانشيز رسالة مغربية: موقف إيجابي من الحكم الذاتي.. وتنتهي الأزمة فورا

المساء اليوم – ح. اعديّل:

عندما أعلن المغرب نهاية تشنج علاقته مع ألمانيا، بعد التصريح الألماني الإيجابي حول مقترح الحكم الذاتي في الصحراء، فإن رد الفعل لم يأت من برلين، بل جاء من مدريد، عندما رأت الدبلوماسية الإسبانية في ذلك ضربة أخرى تتلقاها من جارتها الجنوبية، وأيضا من رفيقتها الأوربية، وهو ما سيكرس الأزمة الدبلوماسية الطويلة بين الرباط ومدريد.

وفي كل مرة تتحسن فيها علاقات الرباط مع بلد أوربي، أو حتى مع بلدان خارج الاتحاد الأوربي، فإن مدريد تنظر إلى ذلك كونه تكريس للأزمة بين المغرب وإسبانيا، على اعتبار أن مدريد لا تزال تنتظر تطبيع العلاقات بين البلدين منذ أن تم إعفاء وزيرة الخارجية الإسبانية آرانتشا لايا، التي تم تقديمها قربانا لقضية استقبال إسبانيا لزعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، للاستشفاء في إحدى مستشفيات البلاد بهوية مزورة.

وعلى الرغم من أن الأزمة بين الرباط ومدريد لم تستفحل أكثر منذ أشهر، إلا أن وضعها الحالي يعتبر سيئا أيضا، على اعتبار أنها لا تتقدم ولا تتراجع، في الوقت الذي تعمل الرباط على تحسين علاقاتها مع بلدان أخرى، على الخصوص مع ألمانيا وفرنسا وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، التي أجرت معها مؤخرا مناورات عسكرية مشتركة بمضيق جبل طارق، على مرمى حجر من إسبانيا.

وكان وزير الخارجية الإسباني الجديد، خوسيه مانويل ألباريس، يعتقد أن طي صفحة الخلاف مع المغرب ممكن بعد وصوله إلى منصبه، غير أن الوزير لا زال يراوح مكانه بعد أكثر من ستة أشهر من وصوله إلى الخارجية الإسبانية، رغم الإشارات الإيجابية التي بعثت بها الرباط في الشهور الأولى لتوليه رئاسة الخارجية الإسبانية.

والمثير أن التشنجات التي عرفتها العلاقات بين الرباط ومدريد في عهد ألباريس كانت أكثر عددا من تلك التي حدثت في عهد سابقته لايا، لكنها، لحسن الحظ، كانت أقل حدة من مسألة استقبال زعيم البوليساريو في إسبانيا، التي يبدو أن حكومتها تعبت من اللامبالاة المغربية.

المغرب، بدوره، لا يبدو سعيدا بطبيعة اللعبة التي تلعبها إسبانيا معه، والتي تستند على محاولة تجنب موضوع الصحراء بكل ما يمكن من وسائل، بينما تعرف الحكومة الإسبانية أن العلاقات مع المغرب لن تتحسن بالطريقة المتوخاة قبل أن تُقْدم إسبانيا على تبني موقف إيجابي من الصحراء، من وجهة النظر المغربية.

ومقابل الانزعاج الإسباني من لامبالاة المغرب، فإن هناك أيضا انزعاجا مغربيا من لامبالاة إسبانيا، التي كان بإمكانها أن تسلك نفس النهج الذي سلكته ألمانيا مؤخرا، وتبدي موقفا إيجابيا من مقترح الحكم الذاتي.

وتقول مصادر مغربية لـ“المساء اليوم” إن “إسبانيا تمارس بعض الاستغباء، خصوصا بعد تحسن العلاقات المغربية الألمانية بعد تصريح برلين الإيجابي بخصوص مقترح الحكم الذاتي في الصحراء، لأنها تعرف أن موقفا مشابها سيكون بمثابة عصا سحرية لتحسين العلاقات بين الرباط ومدريد”.

وتضيف هذه المصادر أن “رسالة دبلوماسية غير مكتوبة توجد منذ مدة بين يدي رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز، ومفادها أن تصريحا قصيرا من جانب الحكومة الإسبانية حول إيجابية مقترح الحكم الذاتي في الصحراء.. وستنتهي الأزمة من جذورها”.

وتشير مصادر “المساء اليوم” إلى أن إسبانيا تعرف جيدا هذا المعطى، لكنها تعاند لسبب رئيسي، وهي أنها لا تريد أن تنهار، فجأة، مواقفها السابقة شبه المساندة للبوليساريو، خصوصا في ظل رواسب تعاطف جزء كبير من الرأي العام الإسباني مع أطروحة البوليساريو، وهو تعاطف تشكل على مدى عقود، في وقت كانت الدبلوماسية المغربية غائبة كليا عن الساحة الإسبانية.

ويبدو أن إسبانيا صارت تدرك جيدا أن علاقاتها مع المغرب لن تتحسن مطلقا من دون موقف إسباني جديد، ولو نسبيا، إزاء الصحراء، مثل الموقف الألماني، لذلك فإن المغرب يكتفي اليوم بتأمل الدبلوماسية الإسبانية وهي تمارس تلك اللعبة الطفولية مع نفسها.. “أريد.. لا أريد”.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

تعليقات ( 0 )