المساء اليوم – متابعة: أكدت صحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية أن البنوك المغربية أسست موطئ قدم لها في إفريقيا، وساعدت المغرب في مواصلة توسعه الإستثماري في القارة السمراء، خصوصاً وأن المعطيات الأساسية في المنطقة، حسب الصحيفة، تُشير إلى أنه "هناك مجالا كبيراً للنمو السريع خلال السنوات القادمة". فوفقاً لمقياس قوة رأس المال، فإن "إثنين من أكبر 10 بنوك بإفريقيا، مغربيان، حيث تلعب هذه البنوك كلها دورا في تمويل الدفع الاستثماري المُنسق للمغرب في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء"، ونقلت الصحيفة عن المديرة الإدارية لأبحاث الأسهم في بنك الاستثمار (إي إف جي هيرميس)، إيلينا سانشيز كابيزودو، قولها إن "توسع البنوك المغربية في القارة السمراء كان له تأثير كبير للغاية من حيث تنويع قاعدة إيراداتها وقاعدة أصولها وصافي الدخل". وأوضحت كابيزودو أن "السوق المصرفية بالمغرب سوق منخفض النمو نسبيا، لذلك كان التوجه إلى إفريقيا هو الشيء الصحيح الذي يجب فعله، حيث التطلع إلى مجال النمو التالي، وشراء البنوك في البلدان ذات الاختراق المصرفي المنخفض، وخلال العقد الماضي، كان توسع البنوك المغربية في المقام الأول تجاه الغرب الناطق بالفرنسية وأفريقيا الوسطى". وكانت مجموعة (التجاري وفا)، وهي أكبر بنك في المغرب، تقد قدمت للمرة الأولى للحصول على ترخيص مصرفي للعمل في السنغال عام 2005، كما تعمل المجموعة الآن في 25 دولة، معظمها في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، كـ(كوت ديفوار ومالي والغابون والكاميرون). وحسب المدير العام لـ(التجاري وفا)، إسماعيل الدويري، فإن "منطقة أفريقيا جنوب الصحراء كانت بشكل عام أقل تأثرا بالجائحة وعواقبها مقارنة ببقية مناطقنا، ومن المرجح أن تعود إلى الوضع الطبيعي على نحو أسرع". كما أن سياسة البنك المتمثلة في التنويع في أسواق أخرى في القارة، حسب (فايننشال تايمز)، ساعدته خلال الوباء، إذ وفقا لتصنيفات وكالة فيتش، للنصف الأول من عام 2020، كان عائد (التجاري وفا) على الأصول في المغرب سلبيا في الواقع، لكن تحقيق عائدات أقوى من الأعمال بأفريقيا دعم الرقم الرئيسي للبنك. لذلك، ساعد التنويع الإقليمي بالتأكيد على تخفيف الضربة العام الماضي". ورأن الصحيفة أن الروابط اللغوية ساعدت العديد من البنوك المغربية على التواجد في منطقة غرب أفريقيا الناطقة بالفرنسية، كما أن العملة (الفرنك) الني تتستخدم من قبل 8 بلدان في المنطقة ومربوطة باليورو، كانت عاملاً إضافياً في ذلك، فالقطاعات المصرفية في دول غرب إفريقيا الناطقة بالفرنسية توسعت بسرعة في السنوات الأخيرة من خلال جذب المزيد من الأشخاص إلى النظام المالي الرسمي، ويعتقد أن المنطقة مهيأة للتعافي القوي بعد الجائحة. وبحسب التقرير فمن المتوقع على نطاق واسع أن يتخطى النمو الاقتصادي في غرب أفريقيا ما شهده المغرب، الواقع في شمال أفريقيا، وقالت إنه "في أكتوبر، ذكر صندوق النقد الدولي أنه من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للمغرب بـ3.1% عام 2022، وهو معدل تجاوزته أكبر الاقتصادات في غرب إفريقيا الناطقة بالفرنسية. ونقلت الصحيفة عن الرئيس التنفيذي لمجموعة "البنك الشعبي"، كمال المقداد، قوله "يُظهر الرسم البياني أن المغرب عانى من ثاني أكبر انكماش بين الاقتصادات الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مضيفاً أن 18 دولة من بين 32 دولة يتواجد فيها البنك في جميع أنحاء العالم تقع في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى". ولفت المقداد إلى أن "الفروع الجديدة للمجموعة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أدت إلى زيادة مساهمة الخدمات المصرفية للأفراد الدولية في صافي الدخل المصرفي للمجموعة إلى 26% نهاية عام 2020 ، مقابل 21% نهاية عام 2019، كما ساهمت الشركات الإفريقية التابعة للمجموعة بـ18% من القروض نهاية عام 2020". وبحسب التقرير فإن البنوك المغربية، حسب المحللين، "أحدثت اضطرابا واضحا في الأسواق الإفريقية التي لها وجود فيها، فدخول البنوك المغربية أدى إلى زعزعة الأمور في قطاع لم يكن يسكنه في السابق سوى لاعبين محليين صغار جدا وضعفاء وعدد قليل من الشركات الفرنسية متعددة الجنسيات". كما أن إطلاق خدمات تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول أدى أيضا، إلى وصول المزيد من الأشخاص في المنطقة إلى الخدمات المالية، خصوصاً وأن معظم دول غرب أفريقيا الناطقة بالفرنسية لم تشهد بعد التأثيرات الكاملة لثورة المدفوعات عبر الهاتف المحمول، التي انطلقت في الأسواق الناشئة الأخرى والأسواق الحدودية، وهذه فرصة كبيرة للبنوك". ففي عام 2020، زاد عدد حسابات الدفع عبر الهاتف المحمول المسجلة في غرب أفريقيا بـ19% على أساس سنوي، وبالمقارنة، كانت معدلات النمو في وسط وشرق وشمال إفريقيا 2% و9% و16% على التوالي، وفقا لــ"الجمعية الدولية للاتصالات المتنقلة"، وقال سمير جاديو، رئيس إستراتيجية إفريقيا في بنك (ستاندرد تشارترد)، الذي يتخذ من لندن مقراً له، إنه "رغم انتشار الخدمات المصرفية لا يزال منخفضا نسبيا، إلا أنه يبدو أعلى بكثير عند تضمين الوصول إلى الأموال عبر الهاتف المحمول". ويعتقد المصرفيون ومحللو القطاع المصرفي العالمي، أن الاختراق المصرفي المنخفض نسبيا في غرب إفريقيا، جنبًا إلى جنب مع استخدام الأموال عبر الهاتف المحمول، يُبشر بـ"الخير للمقرضين المغاربة الذين يؤسسون موطئ قدم بالمنطقة.، خصوصاً وأن المعطيات الأساسية في المنطقة تشير إلى أنه يجب أن يكون هناك مجال كبير للنمو السريع خلال السنوات القادمة".